التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٦٨
خرج من دار الحرب لطلب الفدية والثاث أنه المملوك الرابع أنه المسجون الخامس أنه المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء خيرا لأنهن عوان عندكم وهذا بعيد والأول أرجح لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالأسير المشرك فيدفعه إلى بعض المسلمين ويقول له أحسن إليه * (إنما نطعمكم لوجه الله) * عبارة عن الإخلاص لله ولذلك فسروه وأكدوه بقولهم لا نريد منكم جزاء ولا شكورا والشكور مصدر كالشكر ويحتمل أنهم قالوا هذا الكلام بألسنتهم أو قالوه في نفوسهم فهو عبارة عن النية والقصد * (يوما عبوسا) * وصف اليوم بالعبوس مجاز على وجهين أحدهما أن يوصف اليوم بصفة أهله كقولهم نهاره صائم وليله قائم وروي أن الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل الدم من عينيه مثل القطران والآخر يشبه في شدته بالأسد العبوس * (قمطريرا) * قال ابن عباس معناه طويل وقيل شديد " ولقاهم نضرة وسروا " النضرة التنعم وهذا في مقابلة عبوس الكافر وقوله وقاهم ولقاهم من أدوات البيان * (بما صبروا) * أي بصبرهم على الجوع وإيثار غيرهم على أنفسهم حسبما ذكرنا من قصة علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم وقد ذكرنا الأرائك * (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا) * عبارة عن اعتدال هوائها أي ليس فيها حر ولا برد والزمهرير هو البرد الشديد وقيل هو القمر بلغة طيء والمعنى على هذا أن للجنة ضياء فلا يحتاج فيها إلى شمسا ولا قمر * (ودانية عليهم ظلالها) * معناه أن ظلال الأشجار متدلية عليهم قريبة منهم وإعراب دانية معطوف على متكئين وقال الزمخشري هو معطوف على الجملة التي قبلها وهي لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا لأن هذه الجملة في حكم المفرد تقديره غير رائين فيها شمسا ولا زمهريرا ودانية ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين يجتمعان لهم أي جامعين بين البعد عن الحر والبرد وبين دنو الظلال وقيل هو صفة لجنة عطف بالواو كقولك فلان عالم وصالح وقيل هو معطوف عليها أي وجنة أخرى دانية عليهم ظلالها * (وذللت قطوفها تذليلا) * القطوف جمع قطف وهو العنقود من النخل والعنب وشبه ذلك وتذليلها هو أن تتدلى إلى الأرض وروي أن أهل الجنة يقطعون الفواكهة على أي حال كانوا من قيام أو جلوس أو اضطجاع لأنها تتدلى لهم كما يريدون وهذه الجملة في موضع الحال من دانية أي دانية في حال تذليل قطوفها أو معطوفة عليها * (بانية) * هي جمع إناء ووزنها أفعله وقد ذكرنا الأكواب في الواقعة * (قواريرا) * القوارير هي الزجاج فإن قيل كيف يتفق أنها زجاج مع قوله من فضة فالجواب أن المراد أنها في أصلها من فضة وهي تشبه الزجاج في صفائها وشفيفها وقيل هي من زجاج وجعلها من فضة على وجه التشبيه لشرف الفضة وبياضها ومن قرأ بغير تنوين فهو على الأصل ومن نونه فعلى ما ذكرنا في سلاسل * (قدروها تقديرا) * هذه صفة للقوارير والمعنى قدروها على قدر الأكف أو على قدر ما يحتاجون من الشراب قال مجاهد هي لا تغيض ولا تفيض وقيل قدروها على حسب ما يشتهون والضمير الفاعل في قدروها
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»