يتعلق بيئس وهو على حذف مضاف والآخر أن يكون من أصحاب القبور لبيان الجنس أي كما يئس الذين في القبور من سعادة الآخرة لأنهم تيقنوا أنهم يعذبون فيها سورة الحواريين (لم تقولون مالا تفعلون) في سببها ثلاثة أقوال أحدها قول ابن عباس أن جماعة قالوا وددنا أن نعرف أحب الأعمال إلى الله فنعمله ففرض الله الجهاد فكرهه قوم فنزلت الآية والآخر أن قوما من شبان المسلمين كانوا يتحدثون عن أنفسهم في الغزو بما لم يفعلوا ويقولون فعلنا وصنعنا وذلك كذب فنزلت الآية زجرا لهم والثالث أنها نزلت في المنافقين لأنهم كانوا يقولون للمؤمنين نحن معكم ومنكم ثم يظهر من أفعالهم خلاف ذلك وهذا ضعيف لأنه خاطبهم بقوله يا أيها الذين آمنوا إلا أن يريد أنهم آمنوا بزعمهم وفيما يظهرون ومع ذلك فحكم الآية على العموم في زجر من يقول ما لا يفعل * (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * كان بعض السلف يستحي أن يعظ الناس لأجل هذه الآية ويقول أخاف من مقت الله والمقت هو البغض لريبة أو نحوها وانتصب مقتا على التمييز وأن تقولوا فاعل وقيل فاعل كبر محذوف تقديره كبر فعلكم مقتا وأن تقولوا بدل من الفاعل المحذوف أو خبر ابتداء مضمر * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا) * ورود هذه الآية هنا دليل على أن الآية التي قبلها في شأن القتال وقال بعض الناس قتال الرجالة أفضل من قتال الفرسان لأن التراص فيه يتمكن أكثر مما يتمكن للفرسان قاله ابن عطية وهذا ضعيف خفي على قائله مقصد الآية وليس المراد نفس التراص وإنما المراد الثبوت والجد في القتال * (كأنهم بنيان مرصوص) * المرصوص هو الذي يضم بعضه إلى بعض وقيل هو المعقود بالرصاص ولا يبعد أن يكون هذا أصل اللفظ * (وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني) * كانوا يؤذونه بسوء الكلام وبعصيانه وتنقيصه وانظر في الأحزاب ولا تكونوا كالذين آذوا موسى * (وقد تعلمون أني رسول الله إليكم) * هذا إقامة حجة عليهم وتوبيخ لهم وتقبيح لإذايته مع علمهم بأنه رسول الله ولذلك أدخل قد الدالة على التحقيق * (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) * هذه عقوبة على الذنب بذنب وزيغ القلب هو ميله عن الحق * (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل) * إنما قال موسى يا قوم وقال عيسى يا بني إسرائيل لأنه لم يكن له فيهم أب * (مصدقا لما بين يدي من التوراة) * معناه مذكور في البقرة في قوله مصدقا لما معكم * (ومبشرا برسول) * عن كعب أن الحواريين قالوا لعيسى يا روح
(١١٧)