في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب * (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك) * هذه البيعة بيعة النساء في ثاني يوم الفتح على جبل الصفا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعهن بالكلام ولا تمس يده يد امرأة ورد هذا في الحديث الصحيح عن عائشة وروى أنه صلى الله عليه وسلم لف على يده ثوبا كثيفا ثم لمس النساء يده كذلك وقيل إنه غمس يده في إناء فيه ماء ثم دفعه إلى النساء فغمسن أيديهن فيه " ولا يأتين بهتان " معناه عند الجمهور أن تنسب المرأة إلى زوجها ولدا ليس له وكانت المرأة تلتقط الولد فتقول لزوجها هذا ولدي منك وإنما قال يفترينه بين أيديهن وأرجلهن لأن بطنها الذي تحمل فيه الولد بين يديها وفرجها الذي تلده به بين رجليها واختار ابن عطية أن يكون البهتان هنا على العموم بأن ينسب للرجل غير ولده أو تفتري على أحد بالقول أو تكذب فيما ائتمنها الله عليه من الحيض والحمل وغير ذلك وإلى هذا أشار بعض الناس بأن قال بين أيديهن يراد به اللسان والفم وبين الأرجل يراد به الفرج * (ولا يعصينك في معروف) * أي لا يعصينك فيما جاءت به الشريعة من الأوامر والنواهي ومن ذلك النهي عن النياحة وشق الجيوب ووصل الشعر وغير ذلك مما كان نساء الجاهلية يفعلنه وورد في الحديث أن النساء لما بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه االمبايعة فقررهن على أن لا يسرقن قالت هند بنت عتبة وهي امرأة أبي سفيان بن حرب يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل على إن أخذت من ماله بغير إذنه فقال لها خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف فلما قررهن على أن لا يزنين قالت هند يا رسول الله أتزني الحرة فقال عليه الصلاة والسلام لا تزني الحرة يعني في غالب المرأة وذلك أن الزنا في قريش إنما كان في الإماء فلما قال ولا يقتلن أولادهن قالت نحن ربيناهم صغارا وقتلتهم أنت ببدر كبارا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وقفهن على أن لا يعصينه في معروف قالت ما جلسنا هذا المجلس وفي أنفسنا أن نعصيك وهذه المبايعة للنساء غير معمول بها اليوم لأنه أجمع العلماء على أنه ليس للإمام أن يشترط عليهن هذا فإما أن تكون منسوخة ولم يذكر الناسخ أو يكون ترك هذه الشروط لأنها قد تقررت وعلمت من الشرع بالضرورة فلا حاجة إلى اشتراطها * (لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) * يعني اليهود وكان بعض فقراء المسلمين يتودد إليهم ليصيبوا من أموالهم وقيل يعني كفار قريش والأول أظهر لأن الغضب قد صار عرفا لليهود كقوله * (غير المغضوب عليهم) * * (قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور) * من قال إن القوم الذين غضب الله عليهم هم اليهود فمعنى يئسوا من الآخرة يئسوا من خير الآخرة والسعادة فيها ومن قال إن القوم الذين غضب الله عليهم هم كفار قريش فالمعنى يئسوا من وجود الآخرة وصحتها لأنهم مكذبون بها تكذيبا جزما وقوله * (كما يئس الكفار من أصحاب القبور) * يحتمل وجهين أحدهما أن يريد كما يئس الكفار المكذبون بالبعث من بعث أصحاب القبور فقوله من أصحاب
(١١٦)