التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٠٥
المسلمين كثرت مناجاتهم للنبي صلى الله عليه وسلم في غير حاجة لتظهر منزلتهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم سمحا لا يرد أحدا فنزلت الآية مشددة في أمر المناجاة وقيل سببها أن الأغنياء غلبوا الفقراء على مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الآية منسوخة باتفاق نسخها قوله بعدها " أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة " الآية فأباح الله لهم المناجاة دون تقديم صدقة بعد أن كان أوجب تقديم الصدقة قبل مناجاته عليه السلام واختلف هل كان هذا النسخ بعد أن عمل بالآية أم لا فقال قوم لم يعمل بها أحد وقال قوم عمل بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه روى أنه كان له دينارا فصرفه بعشرة دراهم وناجاه عشر مرات تصدق في كل مرة منها بدرهم وقيل تصدق في كل مرة بدينار ثم أنزل الله الرخصة لمن كان قادرا على الصدقة وأما من لم يجد فالرخصة لم تزل ثابتة له بقوله فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم * (وتاب الله عليكم) * التوبة هنا يراد بها عفو الله عنهم في تركهم للصدقة التي أمروا بها أو تخفيفها بعد وجوبها * (فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * أي دوموا على هذه الأعمال التي هي قواعد شرعكم دون ما كنتم قد كلفتم من الصدقة عند المناجاة * (ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم) * نزلت في قوم من المنافقين تولوا قوما من اليهود وهم الذين غضب الله عليهم " ما هم منكم ولا منهم " يعني أن المنافقين ليسوا من المسلمين ولا من اليهود فهو كقوله فيهم * (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) * * (ويحلفون على الكذب وهم يعلمون) * يعني أن المنافقين كانوا إذا عوتبوا على سوء أقوالهم وأفعالهم حلفوا أنهم ما قالوا ولا فعلوا وقد صدر ذلك منهم مرارا كثيرة هي مذكورة في السير وغيرهم * (اتخذوا أيمانهم جنة) * أصل الجنة ما يستتر به ويتقي به المحذور كالترس ثم استعمل هنا استعارة لأنهم كانوا يظهرون الإسلام لتعصم دماؤهم وأموالهم وقرئ اتخذوا بكسر الهمزة * (استحوذ عليهم الشيطان) * أي غلب عليهم وتملك نفوسهم * (في الأذلين) * أي في جملة الأذلين أي معهم * (كتب الله) * أي قضى وقدر * (لا تجد قوما) * الآية معناها لا تجد مؤمنا يحب كافرا ولو كان أقرب الناس إليه وهذه حال المؤمن الصادق الإيمان ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يقاتلون آباءهم وأبناءهم وإخوانهم إذا كانوا
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»