التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٠٢
أو لم يذكره كقوله أنت علي كأمي أو كبطن أمي أو يدها أو رجلها خلافا للشافعي فإن ذلك كله عنده ليس بظهار لأنه وقف عند لفظ الآية وقاس مالك عليها لأنه رأى أن المقصد تشبيه حلال بحرام " ما هن أمهاتهم " رد الله بهذا على من كان يوقع الظهار ويعتقده حقيقة وأخبر تعالى أن تصير الزوجة أما باطل فإن الأم في الحقيقة إنما هي الوالدة * (وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) * أخبر تعالى أن الظهار منكر وزور فالمنكر هو الذي لا تعرف له حقيقة والزور هو الكذب وإنما جعله كذبا لأن المظاهر يصير امرأته كأمه وهي لا تصير كذلك أبدا والظهار محرم ويدل على تحريمه أربعة أشياء أحدها قوله تعالى ما هن أمهاتهم فإن ذلك تكذيب للمظاهر والثاني أنه سماه منكرا والثالث أنه سماه زورا والرابع قوله وإن الله لعفو غفور فإن العفو والمغفرة لا تقع إلا عن ذنب وهو مع ذلك لازم للمظاهر حتى يرفعه بالكفارة * (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) * اختلف الناس في معنى قوله ثم يعودون لما قالوا على ستة أقوال الأول أنه إيقاع الظهار في الإسلام فالمعنى أنهم كانوا يظاهرون في الجاهلية فإذا فعلوه في الإسلام فذلك عود إليه هذا قول ابن قتيبة فتجب الكفارة عنده بنفس الظهار بخلاف أقوال غيره فإن الكفارة لا تجب إلا بالظهار والعود معا الثاني أن العود هو وطأ الزوجة روى ذلك عن مالك فلا تجب الكفارة على هذا حتى يطأ فإذا وطئ وجبت عليه الكفارة سواء أمسك المرأة أو طلقها أو ماتت الثالث أن العود هو العزم على الوطئ وروى هذا أيضا عن مالك فإذا عزم على الوطء وجبت الكفارة سواء أمسك المرأة أو طلقها أو ماتت الرابع أن العود هو العزم على الوطئ وعلى إمساك الزوجة وهذا أصح الروايات عن مالك الخامس أنه العزم على الإمساك خاصة وهذا مذهب الشافعي فإذا ظاهر ولم يطلقها بعد الظهار وجبت الكفارة السادس أنه تكرار الظهار مرة أخرى وهذا مذهب الظاهرية وهو ضعيف لأنهم لا يرون الظهار يوجب حكما في أول مرة وإنما يوجب في الثانية وإنما نزلت الآية فيمن ظاهر الأول مرة فذلك يرد عليهم ويختلف معنى لما قالوا باختلاف هذه الأقوال فأما علة قول ابن قتيبة والظاهرية فما مصدرية والمعنى يعودون لقولهم وأما على سائر الأقوال فما بمعنى الذي والمعنى يعودون للوطء الذي حرموه أو للعزم عليه أو للإمساك الذي تركوه أو للعزم عليه * (فتحرير رقبة) * جعل الله الكفارة في الظهار على ثلاثة أنواع مرتبة لا ينتقل إلى الثاني حتى يعجز عن الأول ولا ينتقل إلى الثالث حتى يعجز عن الثاني فالأول تحرير رقبة والثاني صيام شهرين متتابعين والثالث إطعام ستين مسكينا فأما الرقبة فاشترط مالك أن تكون مؤمنة لأن مذهبه حمل المطلق على المقيد وجاءت هنا مطلقة وجاءت في كفارة القتل مقيدة بالأيمان وأما صيام الشهرين فاشترط فيه التتابع فإن أفسد الصائم التتابع باختياره ابتدأه من أوله باتفاق وإن أفسده بعذر كالمرض والنسيان فقال مالك يبنى على ما كان فيه وقال أبو حنيفة يبتدئ وروى القولان عن الشافعي وأما الإطعام فمشهور مذهب مالك أنه مد لكل مسكين بمد هشام واختلف في مد هشام فقيل إنه مدان غير ثلث بمد النبي صلى الله عليه وسلم وقيل إنه مد وثلث وقيل إنه مدان وقال الشافعي وابن القصار يطعم مدا بمد النبي صلى الله عليه وسلم لكل مسكين ولا يجزيه إلا كمال عدد الستين فإن أطعم مسكينا واحدا ستين يوما لم يجزه عند مالك والشافعي خلافا لأبي حنيفة وكذلك إن أطعم
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»