التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
موضع لنبين وانتصبا على أنهما مفعول من أجله أي لأجل البيان والهدى والرحمة * (نسقيكم) * بفتح النون وضمها لغتان يقال سقى وأسقى * (مما في بطونه) * الضمير للأنعام وإنما ذكر لأنه مفرد بمعنى الجمع كقولهم ثوب أخلاق لأنه اسم جنس وإذا أنث فهو جمع نعم * (من بين فرث ودم) * الفرث هي ما في الكرش من الغدد والمعنى أن الله يخلق اللبن متوسطا بين الفرث والدم يكتنفانه ومع ذلك فلا يغيران له لونا ولا طعما ولا رائحة ومن في قوله مما في بطونه للتبعيض قوله من بين فرث لإبتداء الغاية * (سائغا للشاربين) * يعني سهلا للشرب حتى قيل لم يغص أحد قط باللبن * (ومن ثمرات النخيل والأعناب) * المجرور يتعلق بفعل محذوف تقديره نسقيكم من ثمرات النخيل والأعناب أي من عصيرها ويدل عليه نسقيكم الأول أو يكون من ثمرات معطوف على مما في بطونها أو يتعلق من ثمرات بتتخذون وكرر منه توكيدا أو يكون تتخذون صفة لمحذوف تقديره شيئا تتخذون * (سكرا) * يعني الخمر ونزل ذلك قبل تحريمها فهي منسوخة بالتحريم وقيل إن هذا على وجه المنة بالمنفعة التي في الخمر ولا تعرض فيها لتحليل ولا تحريم فلا نسخ وقيل السكر المائع من هاتين الشجرتين كالخل والرب والرزق الحسن العنب والتمر والزبيب * (وأوحى ربك إلى النحل) * الوحي هنا بمعنى الإلهام فإن الوحي على ثلاثة أنواع وحي كلام ووحي منام ووحي إلهام * (أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) * أن مفسرة للوحي الذي أوحى إلى النحل وقد جعل الله بيوت النحل في هذه الثلاثة الأنواع إما في الجبال وكواها وإما في متجوف الأشجار وإما فيما يعرش بني آدم من الأجباح والحيطان ونحوها ومن في المواضع الثلاثة للتبعيض لأن النحل إنما تتخذ بيوتا في بعض الجبال وبعض الشجر وبعض الأماكن وعرش معناه هيأ أو بنى وأكثر ما يستعمل فيما يكون من الأغصان والخشب * (ثم كلي من كل الثمرات) * عطف كلي على اتخذي ومن للتبعيض وذلك أنها إنما تأكل النوار من الأشجار وقيل المعنى من كل الثمرات التي تشتهيها * (فاسلكي سبل ربك) * يعني الطرق في الطيران وأضافها إلى الرب لأنها ملكه وخلقه * (ذللا) * أي مطيعة منقادة ويحتمل أن يكون حالا من السبل قال مجاهد لم يتعرض قط على النحل طريق أو حالا من النحل أي منقادة لما أمرها الله به * (يخرج من بطونها شراب) * يعني العسل * (مختلفا ألوانه) * أي منه أبيض وأصفر وأحمر * (فيه شفاء للناس) * الضمير للعسل لأن أكثر الأدوية مستعملة من العسل كالمعاجين والأشربة النافعة من الأمراض وكان ابن عمر يتداوى به من كل شيء فكأنه أخذه على العموم وعلى ذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»