التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٠
إشارة إلى ما ذكر من النعم من أول السورة إلى هنا والضمير في يعرفون للكفار وإنكارهم لنعم الله إشراكهم به وعبادة غيره وقيل نعمة الله هنا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم * (ويوم نبعث من كل أمة شهيدا) * أي يشهد عليهم بإيمانهم وكفرهم * (ثم لا يؤذن للذين كفروا) * أي لا يؤذن لهم في الاعتذار * (ولا هم يستعتبون) * أي لا يسترضون وهو من العتبى بمعنى الرضى * (ولا هم ينظرون) * يحتمل أن يكون بمعنى التأخير أو بمعنى النظر أي لا ينظر الله إليهم * (فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون) * الضمير في القول للمعبودين والمعنى أنهم كذبوهم في قولهم أنهم كانوا يعبدونهم كقولهم ما كنتم إيانا تعبدون فإن قيل كيف كذبوهم وهم قد كانوا يعبدونهم فالجواب أنهم لما كانوا غير راضين بعبادتهم فكأن عبادتهم لم تكن عبادة ويحتمل أن يكون تكذيبهم لهم في تسميتهم شركاء لله لا في العبادة " وألقوا إلى الله يؤمئذ السلم " أي استسلموا له وانقادوا * (زدناهم عذابا فوق العذاب) * روى أن الزيادة في العذاب هي حيات وعقارب كالبغال تلسعهم * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) * يعني بالعدل فعل الواجبات وبالإحسان المندوبات وذلك في حقوق الله تعالى وفي حقوق المخلوقين قال ابن مسعود هذه أجمع آية في كتاب الله تعالى * (وإيتاء ذي القربى) * الإيتاء مصدر آتى بمعنى أعطى وقد دخل ذلك في العدل والإحسان ولكنه جرده بالذكر اهتماما به * (وينهى عن الفحشاء) * قيل يعني الزنا واللفظ أعم من ذلك * (والمنكر) * هو أعم من الفحشاء لأنه يعم جميع المعاصي * (والبغي) * يعني الظلم * (ولا تنقضوا الأيمان) * هذا في الأيمان التي في الوفاء بها خير وأما ما كان تركه أولى فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير منه كما جاء في الحديث أو تكون الأيمان هنا ما يحلفه الإنسان في حق غيره أو معاهدة لغيره * (وقد جعلتم الله عليكم كفيلا) * أي رقيبا ومتكفلا بوفائكم بالعهد وقيل إن هذه الآية نزلت
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»