التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٥٥
وغير ذلك وذلك أن الشمس من وقت طلوعها إلى وقت الزوال يكون ظلها إلى جهة ومن الزوال إلى الليل إلى جهة أخرى ثم يمتد الظل ويعم بالليل إلى طلوع الشمس وقوله يتفيؤ من الفيء وهو الظل الذي يرجع بعكس ما كان غدوة وقال رؤبة بن العجاج يقال بعد الزوال ظل وفيء ولا يقال قبله إلا ظل ففي لفظة يتفيؤ هنا تجوز ما لوقوع الخصوص في موضع العموم لأن المقصود الاعتبار من أول النهار إلى آخره فوضع يتفيؤ موضع ينتقل أو يميل والضمير في ظلاله يعود على ما أو على شيء * (عن اليمين والشمائل) * يعني عن الجانبين أي يرجع الظل من جانب إلى جانب واليمين بمعنى الأيمان واستعار هنا الأيمان والشمائل للأجرام فإن اليمين والشمائل إنما هما في الحقيقة للإنسان * (سجدا لله) * حال من الظلال وقال الزمخشري حال من الضمير في ظلاله إذ هو بمعنى الجمع لأنه يعود على قوله من شيء فعلى الأول يكون السجود من صفة الظلال وعلى الثاني يكون من صفة الأجرام واختلف في معنى هذا السجود فقيل عبر به عن الخضوع والانقياد وقيل هو سجود حقيقة * (وهم داخرون) * أي صاغرون وجمع بالواو لأن الدخور من أوصاف العقلاء * (ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة) * يحتمل أن يكون من دابة بيان لما في السماوات وما في الأرض معا لأن كل حيوان يصح أن يوصف بأنه يدب ويحتمل أن يكون بيانا لما في الأرض خاصة وإنما قال ما في السماوات وما في الأرض ليعم العقلاء وغيرهم ولو قال من في السماوات لم يدخل في ذلك غير العقلاء قاله الزمخشري * (والملائكة) * إن كان قوله من دابة بيانا لما في السماوات والأرض فقد دخل الملائكة في ذلك وكرر ذكرهم تخصيصا لهم بالذكر وتشريفا وإن كان من دابة لما في الأرض خاصة فلم تدخل الملائكة في ذلك فعطفهم على ما قبلهم * (يخافون ربهم من فوقهم) * هذا إخبار عن الملائكة وهو بيان نفي الاستكبارويحتمل أن يريد فوقية القدرة والعظمة أو يكون من المشكلات التي يمسك عن تأويلها وقيل معناه يخافون أن يرسل عليهم عذابا من فوقهم * (لا تتخذوا إلهين اثنين) * وصف الإلهين باثنين تأكيدا وبيانا للمعنى وقيل إن اثنين مفعول أول وإلهين مفعول ثان فلا يكون في الكلام تأكيد * (فإياي فارهبون) * خرج من الغيبة إلى التكلم لأن الغائب هو المتكلم وإياي مفعول بفعل مضمر ولا يعمل فيه فارهبون لأنه قد أخذ معموله * (وله الدين واصبا) * أي واجبا وثابتا وقيل دائما وانتصابه على الحال من الدين * (وما بكم من نعمة فمن الله) * يحتمل أن تكون الواو للاستئناف أو للحال فيكون الكلام متصلا بما قبله أي كيف تتقون غير الله وما بكم من نعمة فمنه وحده * (فإليه تجأرون) * أي ترفعون أصواتكم بالاستغاثة والتضرع * (ليكفروا بما آتيناهم) * اللام لام الأمر على وجه التهديد لقوله بعده فتمتعوا فسوف تعلمون فعلى هذا يبتدئ بها وقيل هي لام العاقبة فعلى هذا توصل بما قبلها لأنها في الأصل لام كي وذلك بعيد في المعنى والكفر هنا يحتمل أن يريد به كفر النعم لقوله بما
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»