التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٥٨
أن رجلا جاء إليه فقال إن أخي يشتكي بطنه فقال اسقه عسلا فذهب ثم رجع فقال قد سقيته فما نفع قال فاذهب فاسقه عسلا فقد صدق الله وكذب بطن أخيك فسقاه فشفاه الله عز وجل * (إلى أرذل العمر) * أي إلى أخسه وأحقره وهو الهرم وقيل حده خمسة وسبعين عاما وقيل ثمانون والصحيح أنه لا يحصر إلى مدة معينة وأنه يختلف بحسب الناس " لكيلا يعلم بعد علم شيئا " اللام لام الصيرورة أي يصير إذا هرم لا يعلم شيئا بعد أن كان يعلم قبل الهرم وليس المراد نفي العلم بالكلية بل ذلك عبارة عن قلة العلم لغلبة النسيان وقيل المعنى لئلا يعلم زيادة على علمه شيئا * (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق) * الآية في معناها قولان أحدهما أنها احتجاج على الوحدانية كأنه يقول أنتم لا تسؤون بين أنفسكم وبين مماليككم في الرزق ولا تجعلونهم شركاء لكم فكيف تجعلون عبيدي شركاء لي والآخر أنها عتاب وذم لمن لا يحسن إلى مملوكه حتى يرد ما رزقه الله عليه كما جاء في الحديث أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون والأول أرجح " أبنعمت الله يجحدون " الجحد هنا على المعنى الأول إشارة إلى الإشراك بالله وعبادة غيره وعلى المعنى الثاني إشارة إلى جنس المماليك فيما يجب لهم من الإنفاق * (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) * يعني الزوجات ومن أنفسكم يحتمل أن يريد من نوعكم وعلى خلقتكم أو يريد أن حواء خلقت من ضلع آدم وأسند ذلك إلى بني آدم لأنهم من ذريته * (وحفدة) * جمع حافد قال ابن عباس هم أولاد البنين وقيل الأصهار وقيل الخدم وقيل البنات إلا أن لفظ الذكور لا يدل عليهم والحفدة في اللغة الخدمة * (ويعبدون من دون الله) * الآية توبيخ للكفار ورد عليهم في عبادتهم للأصنام وهي لا تملك لهم رزقا وانتصب رزقا لأنه مفعول بيملك ويحتمل أن يكون مصدرا أو اسما لما يرزق فإن كان مصدر فإعراب شيئا مفعول به لأن المصدر نصيب المفعول وإن كان اسما فإعراب شيئا بدل منه * (ولا يستطيعون) * الضمير عائد على ما لأن المراد به الإلهية ونفي الاستطاعة بعد نفي الملك لأن نفيها أبلغ في الذم * (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا) * الآية مثل لله تعالى وللأصنام فالأصنام كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء والله تعالى له الملك وبيده الرزق ويتصرف فيه كيف يشاء فكيف يسوى بينه وبين الأصنام وإنما قال لا يقدر على شيء لأن بعض العبيد يقدرون على بعض الأمور كالمكاتب والمأذون له * (ومن رزقناه) * من هنا نكرة موصوفة والمراد بها هو من حر قادر كأنه قال وحرا رزقناه ليطلق عبدا ويحتمل أن تكون موصولة " هل
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»