البعث فإن الناس مختلفون في أديانهم ومذاهبهم فيبعثهم الله ليبين لهم الحق فيما اختلفوا فيه " إنما قولنا لشيء " الآية برهان أيضا على البعث لأنه داخل تحت قدرة الله تعالى * (والذين هاجروا في الله) * يعني الذين هاجروا من مكة إلى أرض الحبشة لأن الهجرة إلى المدينة كانت بعدها وقيل نزلت في أبي جندل بن سهيل وخبره مذكور في السير في قصة الحديبية وهذا بعيد لأن السورة نزلت قبل ذلك * (لنبوئنهم في الدنيا حسنة) * وعد أن ينزلهم بقعة حسنة وهي المدينة التي استقروا بها وقيل إن حسنة صفة لمصدر أي نبوئنهم تبوئة حسنة وقرئ لنثوبنهم بالثاء من الثواب * (الذين صبروا) * وصف للذين هاجروا ويحتمل إعرابه أن يكون نعتا أو على تقدير هم الذين أو مدح الذين * (إلا رجالا) * رد على من استبعد أن يكون الرسول من البشر * (فاسألوا أهل الذكر) * يعني أحبار اليهود والنصارى أي لأن جميعهم يشهدون أن الرسول من البشر * (بالبينات والزبر) * يتعلق بأرسلنا الذي في أول الآية على التقديم والتأخير في الكلام أو بأرسلنا مضمرا وبيوحى أو بتعلمون * (وأنزلنا إليك الذكر) * يعني القرآن * (لتبين للناس ما نزل إليهم) * يحتمل أن يريد لتبين القرآن بسردك نصه وتعليمه للناس أو لتبين معانيه بتفسير مشكله فيدخل في هذا ما بينته السنة من الشريعة * (أفأمن الذين مكروا السيئات) * يعني كفار قريش عند جمهور المفسرين والسيئات تحتمل وجهين أحدهما أن يريد به الأعمال السيئات أي المعاصي فيكون مكروا يتضمن معنى عملوا والآخر أن يريد بالمكرات السيئات مكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم فيكون المكر على بابه * (أو يأخذهم في تقلبهم) * يعني في أسفارهم * (فما هم بمعجزين) * أي بمفلتين حيث وقع * (أو يأخذهم على تخوف) * فيه وجهان أحدهما أن معناه على تنقص أي ينتقص أموالهم وأنفسهم شيئا بعد شيء حتى يهلكوا من غير أن يهلكهم جملة واحدة ولهذا أشار بقوله فإن ربكم لرؤوف رحيم لأن الأخذ هكذا أخف من غيره وقد كان عمر بن الخطاب أشكل عليه معنى التخوف في الآية حتى قال له رجل من هذيل التخوف التنقص في لغتنا والوجه الثاني أنه من الخوف أي يهلك قوما قبلهم فيتخوفوا هم ذلك فيأخذهم بعد أن توقعوا العذاب وخافوه ذلك خلاف قوله وهم لا يشعرون " أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله " معنى الآية اعتبار بانتقال الظل ويعني بقوله ما خلق الله من شيء الأجرام التي لها ظلال من الجبال والشجر والحيوان
(١٥٤)