التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٥٢
وقيل إن لا نفي لما تقدم وجرم معناه وجب أو حق وأن فاعلة بجرم * (أساطير الأولين) * أي ما سطره الأولون وكان النضر بن الحارث قد اتخذ كتاب تواريخ وكان يقول إنما يحدث محمد بأساطير الأولين وحديثي أجمل من حديثه وماذا يجوز أن يكون اسما واحدا مركبا من ما وذا ويكون منصوبا بأنزل أو أن تكون ما استفهامية في موضع رفع بالابتداء وذا بمعنى الذي وفي أنزل ضمير محذوف * (ليحملوا أوزارهم) * اللام لام العاقبة والصيرورة أي قالوا أساطير الأولين فأوجب ذلك أن حملوا أوزارهم وأوزار غيرهم ويحتمل أن تكون للأمر * (بغير علم) * حال من المفعول في يضلونهم أو من الفاعل * (فأتى الله بنيانهم من القواعد) * الآية قيل المراد بالذين من قبلهم نمروذ فإنه بنى صرحا ليصعد فيه إلى السماء بزعمه فما علا فيه فرسخين هدمه الله وخر سقفه عليه وقيل المراد بالذين من قبلهم كل من كفر من الأمم المتقدمة ونزلت به عقوبة الله فالبنيان والسقف والقواعد على هذا تمثيل * (ويقول أين شركائي) * توبيخ للمشركين وأضاف الشركاء إلى نفسه أي على زعمكم ودعواكم وفيه تهكم بهم * (الذين كنتم تشاقون فيهم) * أي تعادون من أجلهم فمن قرأ بكسر النون فالمفعول ضمير المتكلم وهو الله عز وجل ومن قرأ بفتحها فالمفعول محذوف تقديره تعادون المؤمنين من أجلهم * (قال الذين أوتوا العلم) * هم الأنبياء والعلماء من كل أمة وقيل يعني الملائكة واللفظ أعم من ذلك * (ظالمي أنفسهم) * حال من الضمير المفعول في تتوفاهم * (فألقوا السلم) * أي استسلموا للموت * (ما كنا نعمل من سوء) * أي قالوا ذلك ويحتمل قولهم لذلك أن يكونوا قصدوا الكذب اعتصاما به كقولهم والله ربنا ما كنا مشركين أو يكونوا أخبروا على حسب اعتقادهم في أنفسهم فلم يقصدوا الكذب ولكنه كذب في نفس الأمر * (بلي) * من قول الملائكة للكفار أي قد كنتم تعلمون السوء * (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا) * لما وصف مقالة الكفار الذين قالوا أساطير الأولين قابل ذلك بمقالة المؤمنين فإن قيل لم نصب جواب المؤمنين وهو قولهم خيرا ورفع جواب الكافرين وهو أساطير الأولين فالجواب أن قولهم خيرا منصوب بفعل مضمر تقديره أنزل خيرا ففي ذلك اعتراف بأن الله أنزله وأما أساطير الأولين فهو خبر ابتداء مضمر تقديره هو أساطير الأولين فلم يعترفوا بأن الله أنزله فلا وجه لنصبه ولو كان منصوبا لكان الكلام متناقضا لأن قولهم أساطير الأولين يقتضي التكذيب بأن الله أنزله والنصب بفعل مضمر يقتضي التصديق بأن الله أنزله لأن تقديره أنزل فإن قيل يلزم مثل هذا في الرفع لأن تقديره هو أساطير الأولين فإنه غير مطابق للسؤال الذي هو ماذا أنزل ربكم فالجواب أنهم عدلوا بالجواب
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»