التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٣٢
واحد يستخفي بالليل ويظهر بالنهار ويعضد هذا كونه قال وسارب فعطفه عطف الصفات ولم يقل ومن هو سارب بتكرار من كما قال من أسر القول ومن جهر به إلا أن جعلهما اثنين أرجح ليقابل من أسر القول ومن جهر به فيكمل التقسيم إلى أربعة على هذا ويكون قوله وسارب عطف على الجملة وهو قوله ومن هو مستخف لا على مستخف وحده * (له معقبات) * المعقبات هنا جماعة الملائكة وسميت معقبات لأن بعضهم يعقب بعضا والضمير في له يعود على من المتقدمة كأنه قال لمن أسر ومن جهر ولمن استخفى ومن ظهر له معقبات وقيل يعود على الله وهو قول ضعيف لأن الضمائر التي بعده تعود على العبد باتفاق * (يحفظونه) * صفة للمعقبات وهذا الحفظ يحتمل أن يراد به حفظ أعماله أو حفظه وحراسته من الآفات * (من أمر الله) * صفة للمعقبات أي معقبات من أجل أمر الله أي أمرهم بحفظه وقرئ بأمر الله وهذه القراءة تعضد ذلك ولا يتعلق من أمر الله على هذا ليحفظونه وقيل يتعلق به على أنهم يحفظونه من عقوبة الله إذا أذنب بدعائهم له واستغفارهم * (إن الله لا يغير ما بقوم) * من العافية والنعم * (حتى يغيروا ما بأنفسهم) * بالمعاصي فيقتضي ذلك أن الله لا يسلب النعم ولا يترك النقم إلا بالذنوب * (يريكم البرق خوفا وطمعا) * الخوف يكون مع البرق من الصواعق والأمور الهائلة والطمع في المطر الذي يكون معه " السحاب الثقال " وصفها بالثقل لأنها تحمل الماء " ويسبح الرعد بحمده " الرعد اسم ملك وصوته المسموع تسبيح وقد جاء في الأثر أن صوته زجر للسحاب فعلى هذا يكون تسبيحه غير ذلك " ويرسل الصواعق " قيل إنه إشارة إلى الصاعقة التي نزلت على أربد الكافر وقتله حين هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه عامر بن الطفيل واللفظ أعم من ذلك " وهم يجادلون في الله " يعني الكفار والوار للاستئناف أو للحال " شديد المحال " أي شديد القوة والمحال مشتق من الحيلة فالميم زائدة ووزنه مفعل وقيل معناه شديد المكر من قولك محل بالرجل إذا مكر به فالميم على هذا أصلية ووزنه فعال وتأويل المكر على هذا القول كتأويله في المواضع التي وردت في القرآن " له دعوة الحق " قيل هي لا إله إلا الله والمعنى أن دعوة العباد بالحق لله ودعوتهم بالباطل لغيره " والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء " يعني بالذين ما عبدوا من دون الله من الأصنام وغيرها والضمير في يدعون للكفار والمعنى أن المعبودين لا يستجيبون لمن عبدهم " إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه " شبه إجابة الأصنام لمن عبدهم بإجابة الماء لمن بسط إليه كفيه وأشار إليه بالإقبال إلى فيه ولا يبلغ فمه على هذا أبدا لأن الماء جماد لا يعقل المراد فكذلك
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»