التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٣٣
الأصنام والضمير في قوله وما هو للماء وفي ببالغه للفم " ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها " من لا تقع إلا على من يعقل فهي هنا يراد بها الملائكة والإنس والجن فإذا جعلنا السجود بمعنى الانقياد لأمر الله وقضائه فهو عام في الجميع من شاء منهم ومن أبى ويكون طوعا لمن أسلم وكرها لمن كره وسخط وإن جعلنا السجود هو المعروف بالجسد فيكون لسجود الملائكة والمؤمنين من الإنس والجن طوعا وأما الكره فهو سجود المنافق وسجود ظل االكافر " وظلالهم " معطوف على من والمعنى أن الظلال تسجد غدوة وعشية وسجودها انقيادها للتصرف بمشيئة الله سبحانه وتعالى * (قل لله) * جواب عن السؤال المتقدم وهو من رب السماوات والأرض وإنما جاء الجواب والسؤال من جهة واحدة لأنه أمر واضح لا يمكن جحده ولا المخالفة فيه ولذلك أقام به الحجة على المشركين بقوله أفاتخذتم من دونه أولياء * (قل هل يستوي الأعمى والبصير) * الأعمى تمثيل للكافر والبصير تمثيل للمؤمن * (الظلمات) * الكفر * (والنور) * الإيمان وذلك كله على وجه التشبيه والتمثيل " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم " أم هنا بمعنى بل والهمزة وخلقوا صفة لشركاء والمعنى أن الله وقفهم هل خلق شركاؤهم خلقا كخلق الله فحملهم ذلك واشتباهه بما خلق الله على أن جعلوا إلها غير الله ثم أبطل ذلك بقوله " قل الله خالق كل شيء " فحصل الرد عليهم " أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها " الآية هذا مثل ضربه الله للحق وأهله والباطل وحزبه فمثل الحق وأهله بالماء الذي ينزل من السماء فتسيل به الأودية وينتفع به أهل الأرض وبالذهب والفضة والحديد والصفر وغيرها من المعادن التي ينتفع بها الناس وشبه الباطل في سرعة اضمحلاله وزواله بالزبد الذي يرى به السيل ويريد تلك المعادن التي يطفو فوقها إذا أذيبت وليس في الزبد منفعة وليس له دوام " بقدرها " يحتمل أن يريد ما قدر لها من الماء ويحتمل أن يريد بقدر ما تحتمله على قدر صغرها وكبرها " زبدا رابيا " الزبد ما يحمله السيل من غثاء ونحوه والرابي المنتفخ الذي ربى ومنه الربوة " ومما يوقدون " المجرور في موضع خبر المقدم والمبتدأ زبد مثله أي ينشأ من الأشياء التي يوقد عليها زبد مثل زبد السيل " ابتغاء حلية أو متاع " الذي يوقد عليه ابتغاء الحلي هو الذهب والفضة والذي يوقد عليه ابتغاء متاع هو الحديد والرصاص والنحاس والصفر وشبه ذلك والمتاع ما يستمتع به في مرافقهم وحوائجهم " يضرب الله الحق والباطل " أي يضرب أمثال الحق والباطل " جفاء " يجفاه السيل أي يرمي به " وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " يريد الخالص من الماء ومن تلك الأحجار " للذين استجابوا لربهم الحسنى " الذين استجابوا هم المؤمنون وهذا
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»