التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٢١
وذلك أنه عبر البقرات السمان بسبع سنين مخصبة وعبر البقرات العجاف بسبع سنين مجدبة فكذلك السنبلات الخضر واليابسة * (دأبا) * بسكون الهمزة وفتحها مصدر دأب على العمل إذا داوم عليه وهو مصدر في موضع الحال * (فما حصدتم فذروه في سنبله) * هذا رأي أرشدهم يوسف إليه وذلك أن أرض مصر لا يبقى فيها الطعام عامين فعلمهم حيلة يبقى بها من السنين المخصبة إلى السنين المجدبة وهي أن يتركوه في سنبله غير مدروس فإن الحبة إذا بقيت في غشائها انحفظت * (إلا قليلا مما تأكلون) * أي لا تدرسوا منه إلا ما يحتاج إلى الأكل خاصة * (سبع شداد) * يعني سبع سنين ذات شدة وجوع * (يأكلن ما قدمتم لهن) * أي تأكلون فيهن ما اخترتم من الطعام في سنبله وأسند الأكل إلى السنين مجازا * (مما تحصنون) * أي تخزنون وتخبئون * (ثم يأتي من بعد ذلك عام) * هذا زيادة على ما تقتضيه الرؤيا وهو الإخبار بالعام الثامن * (يغاث الناس) * يحتمل أن يكون من الغيث أي يمطرون أو من الغوث أي يفرج الله عنهم * (وفيه يعصرون) * أي يعصرون الزيتون والعنب والسمسم وغير ذلك مما يعصر * (وقال الملك ائتوني به) * قيل هنا محذوف وهو فرجع الرسول إلى الملك فقص عليه مقالة يوسف فرأى علمه وعقله فقال ائتوني به * (قال ارجع إلى ربك فاسأله) * لما أمر الملك بإخراج يوسف من السجن وإتيانه إليه أراد يوسف أن يبرئ نفسه مما نسب إليه من مراودة امرأة العزيز عن نفسها وأن يعلم الملك وغيره أنه سجن ظلما فذكر طرفا من قصته لينظر الملك فيها فيتبين له الأمر وكان هذا الفعل من يوسف صبرا وحلما إذ لم يجب إلى الخروج من السجن ساعة دعى إلى ذلك بعد طول المدة ومع ذلك فإنه لم يذكر امرأة العزيز رعيا لذمام زوجها وسترا لها بل ذكر النسوة اللاتي قطعن أيديهن * (قال ما خطبكن) * الآية جمع الملك النسوة وامرأة العزيز معهن فسألهن عن قصة يوسف وأسند المراودة إلى جميعهن لأنه لم يكن عنده علم بأن امرأة العزيز هي التي راودته وحدها * (قلن حاش لله) * تبرئة ليوسف أو تبرئة لأنفسهن من مراودته وتكون تبرئة ليوسف بقولهن ما علمنا عليه من سوء * (الآن حصحص الحق) * أي تبين وظهر ثم اعترفت على نفسها بالحق * (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) * قيل إنه من كلام امرأة العزيز متصلا بما قبله والضمير في يعلم وأخنه على هذا ليوسف عليه السلام أي ليعلم يوسف أني لم أكذب عليه في حال غيبته والإشارة بذلك إلى توبتها وإقرارها وقيل إنه من كلام يوسف عليه السلام فالضمير للعزيز أي لم أخنه في زوجته في غيبته بل تعففت عنها والإشارة بذلك إلى توقفه عن الخروج من السجن حتى تظهر براءته * (وما أبرئ نفسي) * اختلفت أيضا هل هو من كلام امرأة العزيز أو من كلام يوسف فإن كان من كلامها فهو اعتراف
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»