التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٣١
الأول فالقصد بالاستفهام الثاني ومن قرأ بالاستفهام فيهما فذلك للتأكيد * (وأولئك الأغلال في أعناقهم) * يحتمل أن يريد الأغلال في الآخرة فيكون حقيقة أو يريد أنهم ممنوعون من الإيمان كقولك إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فيكون مجازا يجري مجرى الطبع والختم على القلوب * (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) * أي بالنقمة قبل العافية والمعنى أنهم طلبوا العذاب على وجه الاستخفاف * (وقد خلت من قبلهم المثلات) * جمع مثلة على وزن تمرة وهي العقوبة العظيمة التي تجعل الإنسان مثلا والمعنى كيف يطلبون العذاب وقد أصابت العقوبات الأمم الذين كانوا قبلهم أفلا يخافون مثل ذلك * (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) * يريد ستره وإمهاله في الدنيا للكفار والعصاة وقيل يريد مغفرته لمن تاب والأول أظهر هنا * (ويقول الذين كفروا) * الآية اقترحوا نزول آية على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من نزول ملك معه أو شبه ذلك ولم يعتبروا بالقرآن ولا بغيره من الآيات العظام التي جاء بها وذلك منهم معاندة * (إنما أنت منذر) * أي إنما عليك إنذارهم وليس عليك أن تأتيهم بآية إنما ذلك إلى الله * (ولكل قوم هاد) * فيه ثلاثة أقوال أحدها أن يراد بالهادي الله تعالى فالمعنى إنما عليك الإنذار والله هو الهادي لمن يشاء إذا شاء والوجه الثاني أن يريد بالهادي النبي صلى الله عليه وسلم فالمعنى إنما أنت نبي منذر ولك قوم هاد من الأنبياء ينذرهم فليس أمرك ببدع ولا مستنكر الثالث روي أنها لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا المنذر وأنت يا علي الهادي * (الله يعلم ما تحمل كل أنثى) * كقوله يعلم ما في الأرحام وهي من الخمس التي لا يعلمها إلا الله ويعني يعلم هل هو ذكر أو أنثى تام أو خداج أو حسن أو قبيح أو غير ذلك * (وما تغيض الأرحام وما تزداد) * معنى تغيض تنقص ومعنى تزداد من الزيادة وقيل إن الإشارة بدم الحيض فإنه يقل ويكبر وقيل للولد فالغيض السقط أو الولادة لأقل من تسعة أشهر والزيادة إبقاؤه أكثر من تسعة اشهر ويحتمل أن تكون ما في قوله ما تحمل وما تغيض وما تزداد موصولة أو مصدرية * (سواء منكم من أسر القول ومن جهر) * المعنى إن الله يسمع كل شيء فالجهر والإسرار عنده سواء وفي هذا وما بعده تقسيم وهو من أدوات البيان فإنه ذكر أربعة أقسام وفيه أيضا مطابقة * (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) * المعنى سواء عند الله المستخفي بالليل وهو في غاية الاختفاء مع السارب بالنهار وهو في غاية الظهور ومعنى السارب المتصرف في سربه بالفتح أي في طريقه ووجهه والسارب والمستخفي اثنان قصد التسوية بينهما في اطلاع الله عليهما مع تباين حالهما وقيل إن المستخفي بالليل والسارب بالنهار صفتان لموصوف
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»