وقيل الضمير للعمد أي ليس لها عمد مرئية فيقتضي المفهوم من أن لها عمدا لا ترى وقيل إن عمدها جبل قاف المحيط بالدنيا وقال الجمهور لا عمد لها البتة فالمراد نفي العمد ونفي رؤيتها * (ثم استوى على العرش) * ثم هنا لترتيب الأخبار لا لترتيب وقوع الأمر فإن العرش كان قبل خلق السماوات وتقدم الكلام على الاستواء في الأعراف * (يدبر الأمر) * يعني أمر الملكوت * (يفصل الآيات) * يعني آيات كتبه * (مد الأرض) * يقتضي أنها بسيطة لا مكورة وهو ظاهر الشريعة وقد يترتب لفظ البسط والمد مع التكوير لأن كل قطعة من الأرض ممدودة على حدتها وإنما التكوير لجملة الأرض * (رواسي) * يعني الجبال الثابتة * (زوجين اثنين) * يعني صنفين من الثمر كالأسود والأبيض والحلو والحامض فإن قيل تقتضي الآية أنه تعالى خلق من كل ثمرة صنفين وقد خلق من كثير من الثمرات أصناف كثيرة والجواب أن ذلك زيادة في الاعتبار وأعظم في الدلالة على القدرة فذكر الاثنين لأن دلالة غيرهما من باب أولي وقيل إن الكلام تم في قوله من كل الثمرات ثم ابتدأ بقوله جعل فيها زوجين يعني الذكر والأنثى والأول أحسن * (يغشي الليل النهار) * أي يلبسه إياه فيصير له كالغشاء وذلك تشبيه * (قطع متجاورات) * يعني قطع متلاصقة ومع تلاصقها فإن أرضها تتنوع إلى طيب وردئ وصلب ورخو وغير ذلك وكل ذلك دليل على الصانع المختار المريد القادر * (صنوان وغير صنوان) * الصنوان هي النخلات الكثيرة ويكون أصلها واحد وغير الصنوان المفترق فردا فردا وواحد الصنوان صنو * (يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل) * حجة وبرهان على أنه تعالى قدير ومريد لأن اختلاف مذاقها وأشكالها وألوانها مع اتفاق الماء الذي تسقى به دليل على القدرة والإرادة وفي ذلك رد على القائلين بالطبيعة * (وإن تعجب فعجب قولهم) * أي إن تعجب يا محمد فإن إنكارهم للبعث حقيق أن يتعجب منه فإن الذي قدر على إنشاء ما ذكرنا من السماوات والأرض والثمار قادر على إنشاء الخلق بعد موتهم * (أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد) * هذا هو قول الكفار المنكرين للبعث واختلف القراء في هذا الموضع وفي سائر المواضع التي فيها استفهامان وهي أحد عشر موضعا أولها هذا وفي الإسراء موضعان وفي المؤمنين موضع وفي النمل موضع وفي العنكبوت موضع وفي ألم السجدة موضع وفي الصافات موضعان وفي الواقعة موضع وفي النازعات موضع فمنهم من قرأ بالاستفهام في الأول والثاني ومنهم من قرأ بالاستفهام في الأول فقط وهو نافع ومنهم من قرأ بالاستفهام في الثاني فقط وأصل الاستفهام في المعنى وإنما هو عن الثاني في مثل هذا الموضع فإن همزة الاستفهام معناها الإنكار وإنما أنكروا أن يكونوا خلقا جديدا ولم ينكروا أن يكونوا ترابا فمن قرأ بالاستفهام في الثاني فقط فهو على الأصل ومن قرأ بالاستفهام في
(١٣٠)