فوق كل عالم من هو أعلم منه من البشر أو الله عز وجل * (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) * الضمير في قالوا لإخوة يوسف وأشاروا إلى يوسف ومعنى كلامهم إن يسرق بنيامين فقد سرق أخوه يوسف من قبل فهذا الأمر إنما صدر من ابني راحيل لامنا وقصدوا بذلك رفع المعرة عن أنفسهم ورموا بها يوسف وشقيقه واختلف في السرقة التي رموا بها يوسف على ثلاثة أقوال الأول أن عمته ربته فأراد والده أن يأخذه منها وكانت تحبه ولا تصبر عنه فجعلت عليه منطقة لها ثم قالت إنه أخذها فاستبعدته بذلك وبقي عندها إلى أن ماتت والثاني أنه أخذ صنما لجده والد أمه فكسره والثالث أنه كان يأخذ الطعام من دار أبيه ويعطيه المساكين * (فأسرها يوسف في نفسه) * قال الزمخشري الضمير للجملة التي بعد ذلك وهي قوله أنتم شر مكانا والمعنى قال في قوله أنتم شر مكانا وقال ابن عطية الضمير للحرارة التي وجد في نفسه من قولهم فقد سرق أخ له من قبل وأسر كراهية مقالتهم ثم جاهرهم بقوله أنتم شر مكانا أي لسوء أفعالكم * (والله أعلم بما تصفون) * إشارة إلى كذبهم فيما وصفوه به من السرقة * (إن له أبا شيخا كبيرا) * استعطافا وكانوا قد أعلموه بشدة محبة أبيه فيه * (فخذ أحدنا مكانه) * على وجه الضمان والاسترهان والانقياد وهذا هو الأظهر لقوله معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده * (من المحسنين) * أي أحسنت إلينا فيما فعلت معنا من قبل أو على الإطلاق " واستيئسوا " أي يئسوا * ( خلصوا نجيا) * أي انفردوا عن غيرهم يناجي بعضهم بعضا والنجي يكون بمعنى المناجي أو مصدرا * (قال كبيرهم) * قيل كبيرهم في السن وهو روبيل وقيل كبيرهم في الرأي وهو شمعون وقيل يهوذا * (ومن قبل ما فرطتم في يوسف) * تحتمل ما وجوها الأول أن تكون زائدة والثاني أن تكون مصدرية ومحلها الرفع بالابتداء تقديره وقع من قبل تفريطكم في يوسف والثالث أن تكون موصولة ومحلها أيضا الرفع كذلك والأول أظهر * (فلن أبرح الأرض) * يريد الموضع الذي وقعت فيه القصة * (ارجعوا إلى أبيكم) * من قول كبيرهم وقيل من قول يوسف وهو بعيد * (إن ابنك سرق) * قرأ الجمهور بفتح الراء والسين وروي عن الكسائي سرق بضم السين وكسر وتشديد الراء أي نسبت له السرقة * (وما شهدنا إلا بما علمنا) * أي قولنا لك إن ابنك إنما هو شهادة بما علمنا من ظاهر ما جرى * (وما كنا للغيب حافظين) * أي لا نعلم الغيب هل ذلك حق في نفس الأمر أم لا إذ يمكن أن يدس الصواع في رحله من غير علمه وقال الزمخشري المعنى ما شهدنا إلا بما علمنا من سرقته وتيقناه لأن الصواع استخرج من وعائه وما كنا للغيب حافظين
(١٢٥)