التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٦٤
أحدهما أن الضمير في موته لعيسى والمعنى أنه كل أحد من أهل الكتاب يؤمن بعيسى حين ينزل إلى الأرض قبل أن يموت عيسى وتصير الأديان كلها حينئذ دينا واحدا وهو دين الإسلام والثاني أن الضمير في موته للكتاب الذي تضمنه قوله وإن من أهل الكتاب التقدير وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى ويعلم أنه نبي قبل أن يموت هذا الإنسان وذلك حين معاينة الموت وهو إيمان لا ينفعه وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس وغيره وفي مصحف أبي بن كعب قبل موتهم وفي هذه القراءة تقوية للقول الثاني والضمير في به لعيسى على الوجهين وقيل هو لمحمد صلى الله عليه وسلم " ويصدهم " يحتمل أن يكون بمعنى الإعراض فيكون كثيرا صفة لمصدر محذوف تقديره صدا كثيرا أو بمعنى صدهم لغيرهم فيكون كثيرا مفعولا بالصد أي صدوا كثيرا من الناس عن سبيل الله * (لكن الراسخون في العلم منهم) * هو عبد الله ابن سلام ومخيرق ومن جرى مجراهم * (والمقيمين) * منصوب على المدح بإضمار فعل وهو جائز كثيرا في الكلام وقالت عائشة هو من لحن كتاب المصحف وفي مصحف ابن مسعود والمقيمون على الأصل * (إنا أوحينا إليك) * الآية رد على اليهود الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء واحتجاج عليهم بأن الذي أتى به وحي كما أتى من تقدم من الأنبياء بالوحي من غير إنزال الكتاب من السماء ولذلك أكثر من ذكر الأنبياء الذين كان شأنهم هذا لتقوم بهم الحجة * (ورسلا قد قصصناهم) * منصوب بفعل مضمر أي أرسلنا رسلا * (وكلم الله موسى تكليما) * تصريح بالكلام مؤكد بالمصدر وذلك دليل على بطلان قول المعتزلة إن الشجرة هي التي كلمت موسى * (رسلا مبشرين) * منصوب بفعل مضمر أو على البدل * (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) * أي بعثهم الله ليقطع حجة من يقول لو أرسل إلي رسولا لآمنت * (لكن الله يشهد) * الآية معناها أن الله يشهد بأن القرآن من عنده وكذلك تشهد الملائكة بذلك وسبب الآية إنكار اليهود للوحي فجاء الاستدراك على تقدير أنهم قالوا لن نشهد بما أنزل إليك فقيل لكن الله يشهد بذلك وفي الآية من أدوات البيان الترديد وهو ذكر الشهادة أولا ثم ذكرها في آخر الآية " أنزله
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»