تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٤ - الصفحة ١٩١
تفكر ولا تعلم أو تمثيل للقوة العقلية في مراتبها بذلك فإنها في بدء أمرها خالية عن العلوم مستعدة لقبولها كالمشكاة ثم تنتقش بالعلوم الضرورية بتوسط إحساس الجزئيات بحيث تتمكن من تحصيل النظريات فتصير كالزجاجة متلألئة في نفسها قابلة للأنوار وذلك التمكن إن كان بفكر واجتهاد فكالشجرة الزيتونة وإن كان بالحدس فكالزيت وإن كان بقوة قدسية فكالتي يكاد زيتها يضيء لأنها تكاد تعلم ولو لم تتصل بملك الوحي والإلهام الذي مثله النار من حيث إن العقول تشتعل عنه ثم إذا حصلت لها العلوم بحيث تتمكن من استحضاره متى شاءت كانت كالمصباح فإذا استحضرتها كانت نورا على نور * (يهدي الله لنوره) * لهذا النور الثاقب * (من يشاء) * فإن الأسباب دون مشيئته لاغية إذ بها تمامها * (ويضرب الله الأمثال للناس) * إدناء للمعقول من المحسوس توضيحا وبيانا * (والله بكل شيء عليم) * معقولا كان أو محسوسا ظاهرا كان أو خفيا وفيه وعد ووعيد لمن تدبرها ولمن لم يكترث بها * (في بيوت) * متعلق بما قبله أي كمشكاة في بعض بيوت أو توقد في بيوت فيكون تقييد للمثل به بما لا يكون تحبيرا ومبالغة فيه فإن قناديل المساجد تكون أعظم أو تمثيلا لصلاة المؤمنين أو أبدانهم بالمساجد ولا ينافي جمع البيوت وحدة المشكاة إذ المراد بها ما له هذا الوصف بلا اعتبار وحدة ولا كثرة أو بما بعده وهو يسبح وفيها تكرير مؤكد لا يذكر لأنه من صلة أن فلا يعمل فيما قبله أو بمحذوف مثل سبحوا في بيوت والمراد بها المساجد لأن الصفة تلائمها وقيل المساجد الثلاثة والتنكير للتعظيم * (أذن الله أن ترفع) * بالبناء أو التعظيم * (ويذكر فيها اسمه) * عام فيما يتضمن ذكره حتى المذاكرة في أفعاله والمباحثة في أحكامه * (يسبح له فيها بالغدو والآصال) * ينزهونه أي يصلون له فيها بالغدوات والعشيات والغدو مصدر أطلق للوقت ولذلك حسن اقترانه بالآصال وهو جمع أصيل وقرئ (والايصال) وهو الدخول في الأصيل وقرأ ابن عامر وأبو بكر * (يسبح) * بالفتح
(١٩١)
مفاتيح البحث: السجود (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»