تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٢
إذ لا أعظم من جرمه روي أن قريشا أكرهوا عمرا وأبويه يا سرا وسمية على الارتداد فربطوا سمية بين بعيرين وجئ بحربة في قبلها وقالوا انك أسلمت من اجل الرجال فقتلت وقتلوا ياسرا وهما أول قتيلين في الإسلام وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقيل يا رسول الله إن عمارا كفر فقال كلا إن عمارا ملئ ايمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه ويقول ما لك أن عادوا لك فعد لهم بما قلت وهو دليل على جواز التكلم بالكفر عند الاكراه وان كان الأفضل أن يتجنب عنه اعزازا للدين كما فعه أبواه لما روي أن مسيلمة اخذ رجلين فقال لأحدهما ما تقول في محمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فما تقول في فقال أنت أيضا فخلاه وقال للآخر ما تقول في محمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فما تقول في قال أنا أصم فأعاد جوابه فقتله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما الأول فقد اخذ برخصة الله واما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له * (ذلك) * إشارة إلى الكفر بعد الإيمان أو الوعيد * (بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة) * بسبب انهم آثروها عليها * (وأن الله لا يهدي القوم الكافرين) * أي الكافرين في علمه إلى ما يوجب ثبات الإيمان ولا يعصمهم من الزيغ * (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) * فأبت عن ادراك الحق والتأمل فيه * (وأولئك هم الغافلون) * الكاملون في الغفلة إذ اغفلتهم الحالة الراهنة عن تدبر العواقب * (لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون) * إذ ضيعوا أعمارهم وصرفوها فيما افضى بهم إلى العذاب المخلد * (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا) * أي عذبوا كعمار رضي الله تعالى عنه بالولاية والنصر و * (ثم) * لتباعد حال هؤلاء عن حال أولئك وقرأ ابن عامر فتنوا بالفتح
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»