أنفع في تسكين لهبهم وتبيين شغبهم * (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) * أي إنما عليك البلاغ والدعوة وأما حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما فلا إليك بل الله أعلم بالضالين والمهتدين وهو المجازي لهم * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) * لما أمره بالدعوة وبين له طرقها أشار إليه وإلى من يتابعه بترك المخالفة ومراعاة العدل مع من يناصبهم فإن الدعوة لا تنفك عنه من حيث إنها تتضمن رفض العادات وترك الشهوات والقدح في دين الأسلاف والحكم عليهم بالكفر والضلال وقيل إنه صلى الله عليه وسلم لما رأى حمزة وقد مثل به فقال والله لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين مكانك فنزلت فكفر عن يمينه وفيه دليل على أن للمقتص أن يماثل الجاني وليس له أن يجاوزه وحث على العفو تعريضا بقوله * (وإن عاقبتم) * وتصريحا على الوجه الآكد بقوله * (ولئن صبرتم لهو) * أي الصبر * (خير للصابرين) * من الانتقام للمنتقمين ثم صرح بالأمر به لرسوله لأنه أولى الناس به لزيادة علمه بالله ووثوقه عليه فقال * (واصبر وما صبرك إلا بالله) * إلا بتوفيقه وتثبيته * (ولا تحزن عليهم) * على الكافرين أو على المؤمنين وما فعل بهم * (ولا تك في ضيق مما يمكرون) * في ضيق صدر من مكرهم وقرأ ابن كثير في * (ضيق) * بالكسر هنا وفي النمل وهما لغتان كالقول والقيل ويجوز أن يكون الضيق تخفيف ضيق
(٤٢٧)