تأمل فكيف يكون ما تلقفه منه وثانيهما هب أنه تعلم من المعنى باستماع كلامه لكن لم يتلقف منه اللفظ لأن ذلك أعجمي وهذا عربي والقرآن كما هو معجز باعتبار المعنى فهو معجز من حيث اللفظ مع أن العلوم الكثيرة التي في القرآن لا يمكن تعلمها إلا بملازمة معلم فائق في تلك العلوم مدة متطاولة فكيف تعلم جميع ذلك من غلام سوقي سمع منه في بعض أوقات مروره عليه كلمات أعجمية لعلهما لم يعرفا معناها وطعنهم في القرآن بأمثال هذه الكلمات الركيكة دليل على غاية عجزهم * (إن الذين لا يؤمنون بآيات الله) * لا يصدقون أنها من عند الله * (لا يهديهم الله) * إلى الحق أو إلى سبيل النجاة وقيل إلى الجنة * (ولهم عذاب أليم) * في الآخرة هددهم على كفرهم بالقرآن بعدما أماط شبهتهم ورد طعنهم فيه ثم قلب الأمر عليهم فقال * (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله) * لأنهم لا يخافون عقابا يردعهم عنه * (وأولئك) * إشارة إلى الذين كفروا أو إلى قريش * (هم الكاذبون) * أي الكاذبون على الحقيقة أو الكاملون في الكذب لأن تكذيب آيات الله والطعن فيها بهذه الخرافات أعظم الكذب أو الذين عادتهم الكذب لا يصرفهم عنه دين ولا مروءة أو الكاذبون في قولهم * (إنما أنت مفتر) * * (إنما يعلمه بشر) * * (من كفر بالله من بعد إيمانه) * بدل من الذين لا يؤمنون وما بينهما اعتراض أو من * (أولئك) * أو من * (الكاذبون) * أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه قوله * (فعليهم غضب) * ويجوز أن ينتصب بالذم وأن تكون من شرطية محذوفة الجواب دل عليه قوله * (إلا من أكره) * على الافتراء أو كلمة الكفر استثناء متصل لأن الكفر لغة يعم القول والعقد كالإيمان * (وقلبه مطمئن بالإيمان) * لم تتغير عقيدته وفيه دليل على أن الإيمان هو التصديق بالقلب * (ولكن من شرح بالكفر صدرا) * اعتقده وطاب به نفسا * (فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) *
(٤٢١)