تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ٣٥١
آمنا وفي الثاني جعله من البلاد الآمنة * (واجنبني وبني) * بعدني وإياهم * (أن نعبد الأصنام) * واجعلنا منها في جانب وقرئ * (واجنبني) * وهما على لغة نجد وأما أهل الحجاز فيقولون جنبني شره وفيه دليل على أن عصمة الأنبياء بتوفيق الله وحفظه إياهم وهو بظاهره لا يتناول أحفاده وجميع ذريته وزعم ابن عيينة أن أولاد إسماعيل عليه الصلاة والسلام لم يعبدوا الصنم محتجا به وإنما كانت لهم حجارة يدورون بها ويسمونها الدوار ويقولون البيت حجر فحيثما نصبنا حجرا فهو بمنزلته * (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) * فذلك سألت منك العصمة واستعذت بك من إضلالهن وإسناد الإضلال إليهن باعتبار السببية كقوله تعالى * (وغرتهم الحياة الدنيا) * فمن تبعني على ديني * (فإنه مني) * أي بعضي لا ينفك عني في أمر الدين * (ومن عصاني فإنك غفور رحيم) * تقدر أن تغفر له وترحمه ابتداء أو بعد التوفيق للتوبة وفيه دليل على أن كل ذنب فلله أن يغفره حتى الشرك إلا أن الوعيد فرق بينه وبين غيره * (ربنا إني أسكنت من ذريتي) * أي بعض ذريتي أو ذرية من ذريتي فحذف المفعول وهم إسماعيل ومن ولد منه فإن إسكانه متضمن لإسكانهم * (بواد غير ذي زرع) * يعني وادي مكة فإنها حجرية لا تنبت * (عند بيتك المحرم) * الذي حرمت التعرض له و التهاون به أو لم يزل معظما ممنعا يهابه الجبابرة أو منع منه الطوفان فلم يستول عليه ولذلك سمي عتيقا أي أعتق منه ولو دعا بهذا الدعاء أول ما قدم فلعله قال ذلك باعتبار ما كان أو ما
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»