تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ٢١٤
سمعوا مآل أمرك ممن شاهدك عبرة ونكالا عن الطغيان أو حجة تدلهم على أن الإنسان على ما كان عليه من عظم الشأن وكبرياء الملك مملوك مقهور بعيد عن مظان الربوبية وقرئ لمن * (خلقك) * أي لخالقك آية أي كسائر الاياة فإن إفراده إياك بالالقاء إلى الساحل دليل على أنه تعمد منه لكشف تزويرك وإماطة الشبهة في أمرك وذلك دليل على كمال قدرته وعلمه وارادته وهذا الوجه أيضا محتمل على المشهور * (وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) * لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها * (ولقد بوأنا) * أنزلنا * (بني إسرائيل مبوأ صدق) * منزلا صالحا مرضيا وهو الشأم ومصر * (ورزقناهم من الطيبات) * من اللذائذ * (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم) * فما اختلفوا في أمر دينهم إلا من بعدما قرأوا التوراة وعلموا أحكامها أو في أمر محمد صلى الله عليه وسلم إلا من بعد ما علموا صدقه بنعوته وتظاهر معجزاتهه * (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) * فيميز المحق من المبطل بالانجاء والاهلاك * (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) * من القصص على سبيل الفرض والتقدير * (فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) * فإنه محقق عندهم ثابت في كتبهم على نحو ما ألقينا إليك والمراد تحقيق ذلك والاستشهاد بما في الكتب المتقدمة وأن القرآن مصدق لما فيها أو وصف أهل الكتاب الرسوخ في العلم بصحة ما أنزل إليه أو تهييج الرسول صلى الله عليه وسلم وزيادة تثبيته لا إمكان وقوع الشك له ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لا أشك ولا اسأل وقيل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته أو لكل من يسمع أي أن كنت آيها السامع في شك مما نزلنا على لسان نبينا إليك وفيه تنبيه على أن كل من خالجته شبهة في الدين ينبغي أن يسارع إلى حلها بالرجوع إلى أهل العلم * (لقد جاءك الحق من ربك) * واضحا أنه لا مدخل للمرية فيه بالآيات القاطعة * (فلا تكونن من الممترين) * بالتزلزل عما أنت عليه من الحزم واليقين
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»