تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٤
أي قد جاءكم كتاب جامع للحكمة العملية الكاشفة عن محاسن الأعمال ومقابحها المرغبة في المحاسن والزاجرة عن المقابح ولا حكمة النظرية التي هي شفاء لما في الصدور من الشكوك وسوء الاعتقاد وهدى إلى الحق واليقين ورحمة للمؤمنين حيث أنزلت عليهم فنجوا بها من ظلمات الضلالة إلى نور الإيمان وتبدلت مقاعدهم من طبقات النيران بمصاعد من درجات الجنان والتنكير فيها للتعظيم * (قل بفضل الله وبرحمته) * بإنزال القرآن والباء متعلقة بفعل يفسره قوله * (فبذلك فليفرحوا) * فإن اسم الإشارة بمنزلة الضمير تقديره بفضل الله وبرحمته فليعتنوا أو فليفرحوا فبذلك وفائدة ذلك التكرير التأكيد والبيان بعد الأجمال وايجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح أو بفعل دل عليه * (قد جاءتكم) * وذلك إشارة إلى مصدره أي فبمجيئها فليفرحوا والفاء بمعنى الشرط كأنه قيل إن فرحوا بشيء فيهما فليفرحوا أو للربط بما قبلها والدلالة على أن مجيء الكتاب الجامع بين هذه الصفات موجب للفرح وتكريرها للتأكيد كقوله (وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي) وعن يعقوب (فلتفرحوا) بالتاء على الأصل المرفوض وقد روي مرفوعا ويؤيده انه قرئ (فافرحوا) * (هو خير مما يجمعون) * من حطام الدنيا فإنها إلى الزوال قريب وهو ضمير ذلك وقرأ ابن عامر تجمعون بالتاء على معنى فبذلك المؤمنون فهو خير مما تجمعونه آيها المخاطبون * (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق) * جعل الرزق منزلا لأنه مقدر في السماء محصل بأسباب منها وما في موضع النصب ب * (أنزل) * أو ب * (أرأيتم) * فإنه بمعنى أخبروني ولكم دل على أن المراد منه ما حل ولذلك وبخ على التبعيض فقال * (فجعلتم منه حراما وحلالا) * مثل * (هذه أنعام وحرث حجر) * وعند قوله تعالى * (ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا) * * (قل آلله أذن لكم) * في التحريم والتحليل فتقولون ذلك بحكه * (أم على الله تفترون) * في نسبة ذلك إليه ويجوز أن تكون المنفصلة متصلة ب * (أرأيتم) * وقل مكرر للتأكيد وأن يكون الاستفهام للانكزار و * (أم) * منقطعة ومعنى الهمزة فيها تقرير لافترائهم على الله
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»