(ولا تأثيم) ولا ما فيه إثم. والتأثيم تفعيل من الاثم، أي تلك الكأس لا تجعلهم آثمين لأنه مباح لهم. وقيل: (لا لغو فيها) أي في الجنة. قال ابن عطاء: أي لغو يكون في مجلس محله جنة عدن، وسقاتهم الملائكة، وشربهم على ذكر الله، وريحانهم وتحيتهم من عند الله، والقوم أضياف الله! (ولا تأثيم) أي ولا كذب، قاله ابن عباس. الضحاك: يعني لا يكذب بعضهم بعضا. وقرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو: (لا لغو فيها ولا تأثيم) بفتح آخره. الباقون بالرفع والتنوين. وقد مضى هذا في (البقرة (1)) عند قوله تعالى: (ولا خلة ولا شفاعة) والحمد لله.
قوله تعالى: (ويطوف عليهم غلمان لهم) أي بالفواكه والتحف والطعام والشراب، ودليله: (يطاف عليهم بصحاف من ذهب (2))، (يطاف عليهم بكأس من معين (3)). ثم قيل:
هم الأطفال من أولادهم الذين سبقوهم، فأقر الله تعالى بهم أعينهم. وقيل: إنهم من أخدمهم الله تعالى إياهم من أولاد غيرهم. وقيل: هم غلمان خلقوا في الجنة. قال الكلبي:
لا يكبرون أبدا (كأنهم) في الحسن والبياض (لؤلؤ مكنون) في الصدف، والمكنون المصون.
وقوله تعالى: (يطوف عليهم ولدان مخلدون (4)). قيل: هم أولاد المشركين وهم خدم أهل الجنة. وليس في الجنة نصب ولا حاجة إلى خدمة، ولكنه أخبر بأنهم على نهاية النعيم.
وعن عائشة رضي الله عنها: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدمه فيجيبه ألف كلهم لبيك لبيك). وعن عبد الله بن عمر قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام كل غلام على عمل ليس عليه صاحبه). وعن الحسن أنهم قالوا: يا رسول الله إذا كان الخادم كاللؤلؤ فكيف يكون المخدوم؟ فقال: (ما بينهما كما بين القمر ليلة البدر وبين أصغر الكواكب). قال الكسائي: كننت الشئ سترته وصنته من الشمس، وأكننته في نفسي أسررته. وقال أبو زيد: كننته وأكننته بمعنى في الكن وفي النفس جميعا، تقول: كننت العلم وأكننته فهو مكنون ومكن. وكننت الجارية وأكننتها (5) فهي مكنونة ومكنة.