وعن ابن عباس أيضا أنه قال: إن الله ليلحق بالمؤمن ذريته الصغار الذين لم يبلغوا الايمان، قاله المهدوي. والذرية تقع على الصغار والكبار، فإن جعلت الذرية ها هنا للصغار كان قوله تعالى: (بإيمان) في موضع الحال من المفعولين، وكان التقدير (بإيمان) من الآباء.
وإن جعلت الذرية للكبار كان قوله: (بإيمان) حالا من الفاعلين. القول الثالث عن ابن عباس: أن المراد بالذين آمنوا المهاجرون والأنصار والذرية التابعون. وفي رواية عنه:
إن كان الآباء أرفع درجة رفع الله الأبناء إلى الآباء، وإن كان الأبناء أرفع درجة رفع الله الآباء إلى الأبناء، فالآباء داخلون في اسم الذرية، كقوله تعالى: (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون (1)). وعن ابن عباس أيضا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة سأل أحدهم عن أبويه وعن زوجته وولده فيقال لهم إنهم لم يدركوا ما أدركت فيقول يا رب إني عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به). وقالت خديجة رضي الله عنها: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ولدين لي ماتا في الجاهلية فقال لي: (هما في النار) فلما رأى الكراهية في وجهي قال: (لو رأيت مكانهما لأبغضتهما) قالت:
يا رسول الله فولدي منك؟ قال: (في الجنة) ثم قال: (إن المؤمنين وأولادهم في الجنة والمشركين وأولادهم في النار (2)) ثم قرأ (والذين آمنوا وأتبعتهم ذريتهم بإيمان) الآية.
(وما ألتناهم من عملهم من شئ) أي ما نقصنا الأبناء من ثواب أعمالهم لقصر أعمارهم، وما نقصنا الآباء من ثواب أعمالهم شيئا بإلحاق الذريات بهم. والهاء والميم راجعان إلى قوله تعالى: (والذين آمنوا). وقال ابن زيد: المعنى (وأتبعتهم ذريتهم بإيمان) ألحقنا بالذرية أبناءهم الصغار الذين لم يبلغوا العمل، فالهاء والميم على هذا القول للذرية.
وقرأ ابن كثير (وما ألتناهم) بكسر اللام. وفتح الباقون. وعن أبي هريرة (آلتناهم) بالمد، قال ابن الأعرابي: ألته يألته ألتا، وآلته يؤلته إيلاتا، ولاته يليته ليتا كلها إذا نقصه.