قوله تعالى: (وفى السماء رزقكم وما توعدون) قال سعيد بن جبير والضحاك:
الرزق هنا ما من السماء من مطر وثلج ينبت به الزرع ويحيا به الخلق. قال سعيد بن جبير:
كل عين قائمة فإنها من الثلج. وعن الحسن أنه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه:
فيه والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بخطاياكم. وقال أهل المعاني: (وفي السماء رزقكم) معناه وفي المطر رزقكم، سمي المطر سماء لأنه من السماء ينزل. قال الشاعر (1):
إذا سقط السماء بأرض قوم * رعيناه وإن كانوا غضابا وقال ابن كيسان: يعني وعلى رب السماء رزقكم، نظيره: (وما من دابة في الأرض) إلا على الله رزقها (2)). وقال سفيان الثوري: (وفي السماء رزقكم) أي عند الله في السماء رزقكم. وقيل: المعنى وفي السماء تقدير رزقكم، وما فيه لكم مكتوب في أم الكتاب. وعن سفيان قال: قرأ واصل الأحدب (وفي السماء رزقكم) فقال: ألا أرى رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض! فدخل خربة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئا فإذا هو في الثالثة بدوخلة (3) رطب، وكان له أخ أحسن نية منه فدخل معه فصارتا دوخلتين، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق الله بالموت بينهما. وقرأ ابن محيصن ومجاهد (وفي السماء رازقكم) بالألف وكذلك في أخرها (إن الله هو الرازق. (وما توعدون) قال مجاهد: يعني من خير وشر. وقال غيره: من خير خاصة. وقيل: الشر خاصة. وقيل: الجنة، عن سفيان بن عيينة.
الضحاك: (وما توعدون) من الجنة والنار. وقال ابن سيرين: (وما توعدون) من أمر الساعة. وقاله الربيع.
قوله تعالى: (فورب السماء والأرض انه لحق) أكد ما أخبرهم به من البعث وما خلق في السماء من الرزق، وأقسم عليه بأنه لحق ثم أكده بقوله: (مثل ما أنكم تنطقون) وخص النطق من بين سائر الحواس، لان ما سواه من الحواس يدخله التشبيه، كالذي