قلت: والعموم أوقع في المسألة وأولى بمعنى الآية، فيرفع المؤمن (1) بإيمانه أولا ثم بعلمه ثانيا. وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقدم عبد الله بن عباس على الصحابة، فكلموه في ذلك فدعاهم ودعاه، وسألهم عن تفسير (إذا جاء نصر الله والفتح (2)) فسكتوا، فقال ابن عباس: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله إياه. فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم. وفي البخاري عن عبد الله ابن عباس قال: قدم عيينة ابن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس بن حصن، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا. الحديث وقد مضى في آخر (الأعراف (3)). وفي صحيح مسلم أن نافع بن عبد الحرث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملته على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى.
فقال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا. قال: فاستخلفت عليهم مولى! قال: إنه قارئ لكتاب الله وإنه عالم بالفرائض. قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال:
(إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) وقد مضى أول الكتاب (4). ومضى القول في فضل العلم والعلماء في غير موضع من هذا الكتاب (5) [والحمد لله (6)]. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة). وعنه صلى الله عليه وسلم: (فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب). وعنه عليه الصلاة والسلام: (يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء) فأعظم بمنزلة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن عباس: خير سليمان [عليه السلام] بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه.