تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٧ - الصفحة ٢١
(ادخلوها) على تقدير حذف جواب الشرط والتقدير فيقال لهم: (أدخلوها). والخشية بالغيب أن تخافه ولم تره. وقال الضحاك والسدي: يعني في الخلوة حين لا يراه أحد. وقال الحسن: إذا أرخى الستر وأغلق الباب. (وجاء بقلب منيب) مقبل على الطاعة. وقيل:
مخلص. وقال أبو بكر الوراق: علامة المنيب أن يكون عارفا لحرمته ومواليا له، متواضعا لجلاله تاركا لهوى نفسه.
قلت: ويحتمل أن يكون القلب المنيب القلب السليم، كما قال تعالى: (إلا من أتى الله بقلب سليم) على ما تقدم (1)، والله أعلم. (ادخلوها) أي يقال لأهل هذه الصفات:
(أدخلوها بسلام ذلك يوم الخلود) أي بسلامة من العذاب. وقيل: بسلام من الله وملائكته عليهم. وقيل: بسلامة من زوال النعم. وقال: (أدخلوها) وفي أول الكلام (من خشي)، لان (من) تكون بمعنى الجمع.
قوله تعالى: (لهم ما يشاءون فيها) يعني ما تشتهيه أنفسهم وتلذ أعينهم. (ولدينا مزيد) من النعم مما لم يخطر على بالهم. وقال أنس وجابر: المزيد النظر إلى وجه الله تعالى بلا كيف. وقد ورد ذلك في أخبار مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
(للذين أحسنوا الحسنى (2) وزيادة) قال: الزيادة النظر إلى وجه الله الكريم. وذكر ابن المبارك ويحيى بن سلام، قالا: أخبرنا المسعودي عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله ابن عتبة عن ابن مسعود قال: تسارعوا إلى الجمعة فإن الله تبارك وتعالى يبرز لأهل الجنة كل يوم جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون منه في القرب. قال ابن المبارك: على قدر تسارعهم إلى الجمعة في الدنيا. وقال يحيى بن سلام: لمسارعتهم إلى الجمع في الدنيا، وزاد (فيحدث الله لهم من الكرامة شيئا لم يكونوا رأوه قبل ذلك). قال يحيى: وسمعت غير المسعودي يزيد فيه قوله تعالى: (ولدينا مزيد).

(1) راجع ج 13 ص 114.
(2) راجع ج 8 ص 330.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست