شيئا واحدا، وهو كقوله وتعالى: (وإذا البحار فجرت (1)). وقال سهل بن عبد الله: البحران طريق الخير والشر، والبرزخ الذي بينهما التوفيق والعصمة.
قوله تعالى: (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) [أي يخرج لكم من الماء اللؤلؤ والمرجان (2)]، كما يخرج من التراب الحب والعصف والريحان. وقرأ نافع وأبو عمر (يخرج) بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول. الباقون (يخرج) بفتح الياء وضم الراء على أن اللؤلؤ هو الفاعل. وقال: (منهما) وإنما يخرج من الملح لا العذب لان العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما، كقوله تعالى: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل (3) منكم) وإنما الرسل من الانس دون الجن، قاله الكلبي وغيره. قال الزجاج: قد ذكرهما الله فإذا خرج من أحدهما شئ فقد خرج منهما، وهو كقوله تعالى: (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن (4) نورا) والقمر في سماء الدنيا ولكن أجمل ذكر السبع فكأن ما في إحداهن فيهن. وقال أبو علي الفارسي: هذا من باب حذف المضاف، أي من أحداهما، كقوله:
(على رجل من القريتين (5) عظيم) أي من إحدى القريتين. وقال الأخفش سعيد: زعم قوم أنه يخرج اللؤلؤ من العذب. وقيل: هما بحران يخرج من أحدهما اللؤلؤ ومن الآخر المرجان.
ابن عباس: هما بحرا السماء والأرض. فإذا وقع ماء السماء في صدف البحر انعقد لؤلؤا فصار خارجا منهما، وقاله الطبري. قال الثعلبي: ولقد ذكر لي أن نواة كانت في جوف صدفة، فأصابت القطرة بعض النواة ولم تصب البعض، فكان حيث أصاب القطرة من النواة لؤلؤة وسائرها نواة. وقيل: إن العذب والملح قد يلتقيان، فيكون العذب كاللقاح للملح، فنسب إليهما كما ينسب الولد إلى الذكر والأنثى وإن ولدته الأنثى، لذلك قيل: إنه لا يخرج اللؤلؤ إلا من موضع يلتقي فيه العذب والملح. وقيل: المرجان عظام اللؤلؤ وكباره، قاله علي وابن عباس رضي الله عنهما. واللؤلؤ صغاره. وعنهما أيضا بالعكس: إن اللؤلؤ كبار اللؤلؤ والمرجان صغاره، وقاله الضحاك وقتادة. وقال ابن مسعود وأبو مالك:
المرجان الخرز الأحمر.