لكن ليس هذا صحة المعاملة، إذ لم يترتب على المعاملة أثر أصلا، مثل نقل الملك ولزومه وغير ذلك، بل العوضان باقيان على حالهما السابق من أن كل واحد منهما يتصرف الآخر في ماله ليس بمعاملة (1)، فإن ثمرة البيع هي النقل وغير ذلك مما هو معروف.
فظهر مما تلوناه، أن الأصل في المعاملة الفساد وعدم الصحة، إلا أن يثبت الصحة بدليل، من إجماع أو نص خاص أو عام، مثل: * (أحل الله البيع) * (2) وأمثاله.
فإن قلت: غاية ما ثبت مما ذكرنا أن الصحة لا يثبت إلا بدليل، لأن الأصل الفساد، وعدم الصحة، لأن الفساد شرعا أيضا يحتاج إلى دليل شرعي، فكيف يكون الأصل الفساد؟!
قلت: قبل وقوع المعاملة المشكوكة حالها كان الثمن مال المشتري والمبيع مال البائع، ولم يكن خيار وأمثال ذلك من مراتب البيع، فالأصل بقاء الكل على ما كان عليه وعدم تحقق تغير أصلا، ولا يترتب أثر (3) مطلقا، وهذا عين الفساد.
وأصالة البقاء إجماعي، مضافا إلى استصحابه وظهوره من الأخبار (4)، مع أن عدم الدليل دليل عدم الحكم عندنا، كما هو الحال في سائر الأحكام الشرعية، فتأمل.
والحاصل، أن فساد المعاملة لا يحتاج إلى دليل، بل الأصل الفساد، وإنما المحتاج إليه هو الصحة، ودليلها غالبا هو العمومات، أو الإطلاقات.