بل الثابت منهما بعنوان الضرورة أو اليقين جواز الإعطاء بالعوض وعدمه بغير العوض، إلا في فرض نادر غاية الندرة لو تحقق، وهو عدم تمكن المحتاج المضطر من العوض حالا ولا مؤجلا بوجه من الوجوه، فإنه حينئذ يجب الإعطاء بغير العوض، إلا أنه له أن لا يعطي ما لم يشتره منه فيحسبه مكان زكاته وأمثالها، وإن لم يشتره فله أن يجبره بالشراء بوساطة حاكم الشرع إن كان، وإلا فبالمؤمنين حسبة، وإن لم يكونوا فله أن يعطي بقصد العوض ويأخذه قهرا حفظا إياه عن الهلاك.
على أن النظام لا يحصل في غير صورة نادرة، إلا بجواز أخذ العوض وعدم الإعطاء بغير العوض.
الأجرة بإزاء العبادات وأما العبادات - واجبة كانت أم مستحبة، لاشتراط قصد القربة والإخلاص فيها - فلا يجوز أخذ الأجرة بإزائها إذا فعلها المكلف أصالة ولنفسه.
وأما فعلها نيابة وبعد الاستئجار، فلا مانع من أخذ الأجرة، إذ حال الاستئجار لم تكن واجبة عليه، ولم يكن هناك قصد قربة، وأما بعد الاستئجار فهي حينئذ واجبة عليه البتة، يتأتى منه قصد القربة والإخلاص حينئذ بل يجب.
ولا فرق فيما ذكر بين الحج، وغيره من العبادات التي يجوز فعلها للغير، ولذا يشمله عموم ما دل على صحة الإجارة (1)، وورد في غير واحد من الأخبار أن الإتيان بالعبادات عن الميت ينفعه وتصل إليه (2).