تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ١٦٧
* (فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) * أو من أخيه ولما قررهم بان أحدا منهم لا يحب اكل جيفة أخيه عقب ذلك بقوله * (فكرهتموه) * اى فتحققت كراهتكم له باستقامة العقل فليتحقق ان تكرهوا ما هو نظيره من الغيبة باستقامة الذين * (واتقوا الله إن الله تواب رحيم) * التواب البليغ في قبول التوبة والمعنى واتقوا الله بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما وجد منكم منه فإنكم ان اتقيتم تقبل الله توبتكم وانعم عليكم بثواب المتقين التائبين وروى أن سلمان كان يخدم رجلين من الصحابة ويسوى لهما طعامهما فنام عن شأنه يوما فبعثاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبغى لهما اداما وكان أسامة على طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما عندي شئ فأخبرهما سلمان فقالا لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها فلما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما مالي أرى خضرة اللحم في افواهكما فقالا ما تناولنا لحما قال إنكما قد اغتبتما ومن اغتاب مسلما فقد اكل لحمه ثم قرا الآية وقيل غيبة الخلق انما تكون من الغيبة عن الحق * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) * من آدم وحواء أو كل واحد منكم من أب وأم فما منكم من أحد الا وهو يدلى بمثل ما يدلى به الاخر سواء بسواء فلا معنى للتفاخر والتفاضل في النسب * (وجعلناكم شعوبا وقبائل) * الشعب الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب وهى الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة فالشعب يجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر والعمارة تجمع البطون والبطن تجمع الافخاذ والفخذ تجمع الفصائل خزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصى بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة وسمت الشعوب لان القبائل تشعبت منها * (لتعارفوا) * اى انما رتبكم على شعوب وقبائل ليعرف بعضكم نسب بعض فلا يعترى إلى غير آبائه لا ان تتفاخروا بالآباء والأجداد وتدعوا التفاضل في الانساب ثم بين الخصلة التي يفضل بها الانسان غيره ويكتسب الشرف والكرم عند الله فقال * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * في الحديث من سره ان يكون أكرم الناس فليتق الله عن ابن عباس رضي الله عنهما كرم الدنيا الغنى وكرم الآخرة التقوى وروى أنه صلى الله عليه وسلم طاف يوم فتح مكة فحمد الله واثنى عليه ثم قال الحمد لله الذي اذهب عنكم غيبة الجاهلية وتكبرها يا أيها الناس انما الناس رجلان مؤمن تقى كريم على الله وفاجر شقى هين على الله ثم قرأ الآية وعن يزيد ابن شجرة مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق المدينة فرأى غلاما اسود يقول من اشترانى فعلى شرط ان لا يمنعني من الصلوات الخمس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتراه بعضهم فمرض فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم توفى فحضر دفنه فقالوا في ذلك شيئا فنزلت * (إن الله عليم) * كرم القلوب وتقواها * (خبير) * بهمهم النفوس في هواها * (قالت الأعراب) * اى بعض الاعراب لان من الاعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر وهم اعراب بنى أسد قدموا المدينة في سنة جدبة فأظهروا
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»