وحكمته وتدبيره حيث هي مدحوة كالبساط لما فوقها وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها وهى مجزأة فمن سهل ومن جبل وصلبة ورخوة وعداة وسبخة وفيها عيون منفجرة ومعادن مفننة ودواب مبثة مختلفة الصور والاشكال متباينة الهيئات والافعال * (للموقنين) * للموحدين الذين سلكوا الطريق السوى البرهاني الموصل إلى المعرفة فهم نظارون بعيون باصرة وافهام نافذة كلما رأوا آية عرفوا وجه تأملها فازدادوا ايقانا على ايقانهم * (وفي أنفسكم) * في حال ابتدائها وتنقلها من حال إلى حال وفي بواطنها وظواهرها من عجائب الفطر وبدائع الخلق ما نتحير فيه الأذهان وحسبك بالقلوب وما ركز فيها من العقول وبالالسن والنطق ومخارج الحروف وما في تركيبها وترتيبها ولطائفها من الآيات الساطعة والبينات القاطعة على حكمة مدبرها وصانعها دع الاسماع والابصار والأطراف وسائر الجوارح وتانيها لما خلقت له وما سوى في الأعضاء من المفاصل للانعطاف النثني فإنه إذا جسا منها شئ جاء العجز وإذا استرخى أناخ الذل فتبارك الله أحسن الخالقين وما قيل إن التقدير أفلا تبصرون في أنفسكم ضعيف لأنه يقضى إلى تقديم ما في حين الاستفهام على حرف الاستفهام * (أفلا تبصرون) * تنظرون نظر من تعبر * (وفي السماء رزقكم) * اى المطر لأنه سبب الأفوات وعن الحسن انه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه فيه والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بخطاياكم * (وما توعدون) * الجنة فهي على ظهر السماء السابعة تحت العرش أو أراد ان ما ترزقونه في الدنيا وما توعدوه في العقبى كله مقدور مكتوب في السماء * (فورب السماء والأرض إنه لحق) * الضمير يعود إلى الرزق أو إلى ما توعدون * (مثل ما أنكم تنطقون) * بالرفع كوفي غير حفص صفة للحق اى حق مثل نطقكم وغيرهم بالنصب اى انه لحق مثل نطقكم ويجوز ان يكون فتحا لاضافته إلى غير متمكن وما مزيدة وعن الأصمعي أنه قال أقبلت من جامع البصرة فطلع اعرابى على قعود فقال من الرجل فقلت من بنى اصمع قال من اين أقبلت قلت من موضع يتلى فيه كالأم الله قال أتل على فتلوت والذاريات فلما بلغت قوله وفي السماء رزقكم قال حسبك فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من اقبل وادبر وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى فلما حججت مع الرشيد وطفقت اطرف فإذا انا بمن يهتف بي بصوت رقيق فالفت فإذا انا بالاعرابى قد نحل واصفر فسلم على واستقرأ السورة فلما بلغت الآية صاح وقال قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ثم قال وهل غير هذا فقرأت فورب السماء والأرض انه لحق فصاح وقال يا سبحان الله من ذا الذي اغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بقوله حتى حلف قالها ثلاثا وخرجت معها نفسه * (هل أتاك) * تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما عرفه بالوحي وانتظامها بما قبلها باعتبار أنه قال وفى الأرض آيات وقال في آخر هذه القصة وتركنا فيها آية * (حديث ضيف إبراهيم) * الضيف للواحد والجماعة كالصوم والزور لأنه في
(١٧٨)