* (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم) * بصاح بأهون الناس قدر الينبه على فظاعة ما جسروا عليه لان من رفع الله قدره على أن يجهر له بالقول كان صنيع هؤلاء من المنكر الذي بلغ في التفاحش مبلغا * (ولو أنهم صبروا) * اى ولو ثبت صبرهم ومحل انهم صبروا الرفع على الفاعلية والصبر حبس النفس عن أن تنازع إلى هواها قال الله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم وقولهم صبر عن كذا محذوف منه المفعول وهو النفس وقيل الصبر من لا يتجرعه الاخر وقوله * (حتى تخرج إليهم) * يفيد انه لو خرج ولم يكن خروجه إليهم ولاجلهم للزمهم ان يصبروا إلى أن يعلموا ان خروجه إليهم * (لكان) * الصبر * (خيرا لهم) * في دينهم * (والله غفور رحيم) * بلغ الغفران والرحمة واسعهما فلن يضيق غفرانه ورحمته عن هؤلاء ان تابوا وانابوا * (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ) * اجمعوا انها نزلت في الوليد بن عقبه وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا إلى نبي المصطق وكانت بينه وبينهم احنة في الجاهلية فلما شارف ديارهم ركبوا مستقبلين اليه فحسبهم مقاتليه فرجع وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتدوا ومنعوا الزكاة فبعث خالد بن الوليد فوجدهم يصلون فسلموا إليه الصدقات فرجع وفي تنكير الفاسق والنبأ شياع في الفساق والانباء كأنه قال اى فاسق جاءكم بأي نبأ * (فتبينوا) * فتوقفوا فيه وتطلبوا بيان الامر وانكشاف الحقيقة ولا تعتمدوا بقول الفاسق لان من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه وفى الآية دلالة قبول خبر الواحد العدل لأنا لو توقفنا في خبره لسوينا بينه وبين الفاسق ولخلا الخصيص به عن الفائدة والفسوق الخروج من الشئ ويقال فسقت الرطبة عن قشرها ومن مقلوبه فقست البيضة إذا كسرتها وأخرجت ما فيها ومن مقلوبه أيضا قفست الشئ إذا أخرجته من يد مالكه مغتصبا له عليه ثم استعمل في الخروج عن القصد بركوب الكبائر حمزة وعلى فتثبتوا والتثبت والنبين متقاربان وهما طلب الثبات والبيان والتعرف * (أن تصيبوا قوما) * لئلا تصيبوا * (بجهالة) * حال يعنى جاهلين بحقيقة الامر وكنه القصة * (فتصبحوا) * فتصبروا * (على ما فعلتم نادمين) * الندم ضرب من الغم وهو ان تغنم على ما وقع منك نتمنى انه لم يقع وهو غم يصحب الانسان صحبه لها دوام * (واعلموا أن فيكم رسول الله) * فلا تكذبوا فان الله يخبره فينهتك ستر الكاذب أو فارجعوا اليه اطلبوا رايه ثم قال مستأنفا * (لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم) * لوقعتم في الجهد والهلاك وهذا يدل على أن بعض المؤمنين زينوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الايقاع ببنى المصطلق وتصديق قول الوليد وان بعضهم كانوا يتصونون ويزعهم جدهم في التقوى عن الجسارة على ذلك وهم الذين استثناهم بقوله * (ولكن الله حبب إليكم الإيمان) * وقيل هم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ولما كانت صفة الذين حبب الله إليهم الايمان غايرت صفة المتقدم ذكرهم وقت لكن في
(١٦٣)