تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ١٦٢
* (وأنتم لا تشعرون) * * (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) * على تقدير حذف المضاف * (وأنتم لا تشعرون إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) * ثم اسم ان عند قوله رسول الله والمعنى يخفضون أصواتهم في مجلسه تعظيما له * (أولئك) * مبتدأ خبره * (الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) * وتم صلة الذين عند قوله للتقوى وأولئك مع خبره خبران والمعنى أخلصها للتقوى من قولهم امتحن الذهب وفتنه إذا اذابه فخلص ابريزه من خبثه ونقاه وحقيقته عاملها معاملة المختبر فوجدها مخلصة وعن عمر رضي الله عنه اذهب الشهوات عنها والامتحان افتعال من محنه وهو اختبار بليغ أو بلاء جهيد * (لهم مغفرة وأجر عظيم) * جملة أخرى قيل نزلت في الشيخين رضي الله عنهما لما كان منهما من غض الصوت وهذه الآية بنظمها الذي وتبت عليه من إيقاع الغاضين أصواتهم اسما لان المؤكدة وتصيير خبرها جملة من مبتدأ وخبر معرفتين معا والمبتدا أمس الإشارة واستئناف الجملة المستودعة ما هو جزاؤهم على عملهم وايراد الجزاء نكرة مبهما امره دالة على غاية الاعتداد والارتضاء بفعل الخافضين أصواتهم وفيها تعريض لعظيم ما ارتكب الرافعون أصواتهم * (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) * نزلت في وفد بنى تميم اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الظهيرة وهو راقد وفيهم الافرع بن حابس وعيينه بن حصن ونادوا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته وقالوا اخرج الينا يا محمد فان مدحنازين وذمنا شين فاستيقظ وخرج والوراء الجهة التي بوار بها عنك لشخص بظلمه من خلف أو قدام ومن لابتداء الغاية وان المناداة نشأت من ذلك المكان والحجرة الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها وهى فعلة بمنى مفعولة كالفيضة وجمعها الحجرات بضمتين والحجرات بفتح الجيم وهى قراءة يزيدوالمراد حجرات نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لكل منهن حجرة ومناداتهم من ورائها لعلهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له أو نادوه من وراء الحجرة التي كان عليه السلام فيها ولكنها أجمعت اجلالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والفعل وان كان مسند إلى جميعهم فإنه يجو ان يتولاه بعضهم وكا الباقون راضين فكأنهم تولوه جميعا * (أكثرهم لا يعقلون) * يحتمل ان يكون فهم من قصد استثناؤه ويحتمل ان يكون المراد النفي العام إذ القلة تقع موقع النفي وورود الآية على النمط الذي وردت عليه فيه ما لا يخفى من اجلال محل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها لتسجيل على الصائحين به بالسفه والجهل ومنها ايقاع لفظ الحجرات كناية عن موضع خلوته ومقيله مع بعض نسائه ومنها التعريف باللام دون الإضافة ولو تأمل متأمل من أول السورة إلى اخر هذه الآية لوجدها كذلك فتأمل كيف ابتدأ بايجاب أن تكون الأمور التي تنتمى إلى الله ورسوله متقدمة على الأمور كلها من غير تقيد ثم اردف ذلك النهى عما هو من جنس التقديم من رفع الصوت والجهر كان الأول بساط للثاني ثم اثنى على الغاضين أصواتهم ليدل على عظيم موفعه عند الله ثم عقبه بما هو اطم وهجنته أتم من الصباح برسول الله صلى الله عليه وسلم في حال خلوته من وراء الجدر كما
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»