* (بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) * يعقوب لا تقدموا بحذف احدى تاءى تتقدموا * (بين يدي الله ورسوله) * حقيقة قولهم جلست بين يدي فلان ان تجلس بين الجهتين المسامنتين ليمينه وشماله قريبا منه فسميت الجهتان يدين لكونهما على سمت اليدين مع القرب منهما توسعا كما يسمى الشئ باسم غيره إذا جاوره في هذه العبارة ضرب من المجاز الذي يسمى تمثيلا وفيه فائدة جليلة وهى تصوير الهجنة والشناعة فيما نهوا عنه من الاقدام على امر من الأمور دون الاحتذاء على أمثلة الكتاب والسنة ويجوز ان يجرى مجرى قولك سرني زيد وحسن حاله اى سرني حسن حال زيد فكذلك هنا المعنى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفائدة هذا الأسلوب الدلالة على قوة الاختصاص ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله بالمكان الذي لا يخفى سلك به هذا المسلك وفى هذا تمهيد لما نقم منهم من رفع أصواتهم فوق صوته عليه السلام لان من فضله الله بهذه الأثرة واختصه هذا الاختصاص كان أدنى ما يجب له من التهيب والاجلال ان يخفض بين يديه الصوت وعن الحسن ان أناسا ذبحوا يم الأضحى قبل الصلاة فنزلت وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يعيدوا ذبحا اخر وعن عائشة رضى عنها انها نزلت في النهى عن صوم يوم الشك * (واتقوا الله) * فإنكم ان اتقيتموه عافتكم التقوى عن التقدمة المنهى عنها * (إن الله سميع) * لما تقولون * (عليم) * بما تعملون وحق مثله ان يتقى * (يا أيها الذين آمنوا) * إعادة النداء عليهم استدعاء منهم لتجديد الاستبصار عند كل خطاب وارد وتحريك منهم لئلا يغفلوا عن تأملهم * (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) * اى إذا نطق ونطقتم فعليكم ان لا تبلغوا بأصواتكم وراء الحد الذي يبلغه بصوته وان تغضوا منها بحيث يكون كلامه عاليا لكلامكم وجهره باهرا لجهركم حتى تكون مزيته عليكم لائحة وسابقته لديكم واضحة * (ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) * اى إذا كلمتموه وهو صامت فإياكم والعدول عما نهيتم عنه من رفع الصوت بل عليكم ان لا تبلغوا به الجهر الدائر بينكم وان تتعمدوا في مخاطبته القول اللين المقرب من الهمس الذي يضاد الجهر أولا تقولوا له يا محمد يا احمد وخاطبوه بالنبوة والسكينة والتعظيم ولما نزلت هذه الآية ما كلم النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر الا كاخى السرار وعن ابن عباس رضي الله عنهما انها نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وكان في اذنه وقر وكان جهوري الصوت وكان إذا كلم رفع صوته وربما كان يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فيتأذى بصوته وكاف التشبيه في محل النصب اى لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض وفى هذا انهم لم ينهوا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم أن يكلموه بالمخافتة وإنما نهوا عن جهر مخصوص أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منه فيما بينهم وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها * (أن تحبط أعمالكم) * منصوب الموضع على أنه المفعول له متعلق بمعنى النهى والمعنى انتهوا عما نهيتم عنه لحبوط أعمالكم أي لخشية حبوطها
(١٦١)