تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ١٥٨
* (ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا) * ولولا كراهة ان تهلكوا ناسا مؤمنين بين ظهراني المشركين وأنتم غير عارفين بهم فيصبكم باهلاكهم مكروه ومشقة لما كف أيديكم عنهم وقوله * (ليدخل الله في رحمته من يشاء) * تعليل لما دلت عليه الآية وسيقت له من كف الأيدي عن أهل مكة والمنع عن قتلهم صونا لما بين أظهرهم من المؤمنين كأنه قال كان الكف ومنع التعذيب ليدخل الله في رحمته أي في توفيقه لزيادة الخير والطاعة مؤمنيهم أو ليدخل في الاسلام من رغب فيه من مشركيهم * (لو تزيلوا) * لو تفرقوا وتميز المسلمون من الكافرين وجواب لولا محذوف اغنى عنا جواب لو ويجوز ان يكون لو تزيلوا كالتكرير أولا رجال مؤمنون لمرجعهما إلى معنى واحد ويكون * (لعذبنا الذين كفروا) * هو الجواب تقديره ولولا أن تطؤا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات ولو كانوا متميزين لعذبناهم بالسيف * (منهم) * من أهل مكة * (عذابا أليما) * والعامل في * (إذ جعل الذين كفروا) * اى قريش لعذبنا اى لعذبناهم في ذلك الوقت أو اذكر * (في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) * المراد بحمية الذين كفروا هي الانفة وسكينة المؤمنين وهى الوقار ما يروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بالحديبية بعث قريش سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ومكر زبن حفص على أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم ان يرجع من عامه ذلك على أن تخلى له قريش مكة من العام القابل ثلاثة أيام ففعل ذلك وكتبوا بينهم كتابا فقال عليه السلام لعلى رضي الله عنه اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل وأصحابه ما نعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم ثم قال اكتب هذا ما صالح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة فقالوا لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة فقال عليه السلام اكتب ما يريدون فأنا اشهد انى رسول الله وانا محمد بن عبد الله فهم المسلمون ان يابوا ذلك ويشمئزوا منه فانزل الله على رسوله السكينة فتوقروا وحلموا * (وألزمهم كلمة التقوى) * الجمهور على أنها كلمة الشهادة وقيل بسم الله الرحمن الرحيم والإضافة إلى التقوى باعتبار انها سبب التقوى وأساسها وقيل كلمة أهل التقوى * (وكانوا) * اى المؤمنون * (أحق بها) * من غيرهم * (وأهلها) * بتأهيل الله إياهم * (وكان الله بكل شيء عليما) * 6 فيجرى الأمور على مصالحها * (لقد صدق الله رسوله الرؤيا) * اى صدقه في رؤياه ولم يكذبه تعالى الله عن الكذب فحذف الجار وأوصل الفعل كقوله صدقوا ما عاهدوا الله عليه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قبل خروجه إلى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد حلقوا وقصرا فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا وحسبوا
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»