سورة الفجر (16 21) (وأما إذا ما ابتلاه) بالفقر (فقدر عليه رزقه) قرأ أبو جعفر وابن عامر (فقدر) بتشديد الدال وقرأ الآخرون بالتخفيف وهما لغتان أي ضيق عليه رزقه وقيل قدر بمعنى قتر وأعطاه قدر ما يكفيه (فيقول ربي أهانن) أذلني بالفقر وهذا يعني به الكافر تكون الكرامة والهوان عنده بكثرة المال والحظ في الدنيا وقلته قال الكلبي ومقاتل نزلت في مية بنت خلف الججمخحي الكافر فرد الله على من ظن أ سعة الرزق إكرام وأن الفقر إهانة فقال (كلا) لم أبتله بالغنى لكرامته ولم أبتله بالفقر لهوانه فأخبر إن الإكرام والإهانة لا تدور على المال وسعة الرزق ولكن الفقر والغنى بتقديره فيوسع على الكافر لا لكرامته ويقدر على المؤمن لا لهوانه إنما يكرم المرء بطاعته ويهينه بمعصيته قرأ أهل الحجاز والبصرة (أكرمني وأهانني) بإثبات الياء في الوصل ويقف ابن كثير ويعقوب بالياء والآخرون يحذفونها وصلا ووقفا (بل لا تكرمون اليتيم) قرأ أهل البصرة (يكرمون ويحضون ويأكلون ويحبون) باياء فيهن وقرأ الآخرون بالتاء (لا تكرمون اليتيم) لا تحسنوا إليه وقيل لا تعطونه حقه قال مقاتل كان قدامة بن مظعون يتيما في حجر أمية بن خلف وكان يدفعه عن حقه (ولا تحاضون على طعام المسكين) أي لا تأمرون بإطعامه وقرأ أبو جعفر وأهل الكوفة (تحاضون) بفتح الحاء وألف بعدها أي لا يحض بعضكم بعضا عليه (وتأكلون التراث) أي الميراث (أكلا لما) شديدا يأكل نصيبه ونصيب غيره وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصبيان ويأكلون نصيبهم قال ابن زيد الاكل اللم الذي يأكل كل شيء يجده لا يسأل عنه أحلال هو أم حرام ويأكل الذي له ولغيره يقال لممت على الخوان إذا أتيت ما عليه فأكلته (وتحبون المال حبا جما) أي كثيرا يعني يحبون جمع المال ويولعون به يقال جم الماء في الحوض إذا كثر واجتمع (كلا) ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر وقال مقاتل أي لا يفعلون ما أمروا به من إكرام اليتيم وإطعام المسكين ثم أخبر عن تلهفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم فقال عز من قائل (إذا دكت الأرض دكا دكا) مرة بعد مرة وكسر كل شيء على ظهرها من جبل وبناء وشجر فلم يبق على ظهرها شيء
(٤٨٥)