تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٤
سورة الفجر (11 15) قال نعم فالن فدعا به فقال أحق ما يقول هذا قال لا ما رأيت مما قال شيئا فأعطاه فرعن وأجزل وأما الآخر فقتله ثم صلبه قال وكان فرعون قد تزوج امرأة من نساء بني إسرائيل يقال لها آسية بنت مزاحم فرأت ما صنع فرعون بالماشطة فقالت وكيف يسعني أن أصبر على ما يأتي فرعون وأنا مسلمة وهو كافر فبينما هي كذلك تؤامر نفسها إذ دخل عليها فرعون فدلس قريبا منها فقالت يا فرعون أنت أشر الخلق وأخبثهم عمدت إلى الماشطة فقتلتها قال فلعل بك الجنون الذي كان بها قالت ما بي من جنون وإن إلهي وإلهك وإله السماوات والأرض واحد لا شريك له فمزق عليها ثيابها وضربها وأرسل إلى أبويها فدعاهما فقال لهما ألا تريان أن الجنن الذي كان بالماشطة أصابها قالت أعوذ بالله من ذلك إني أشهد أن ربي وربك ورب السماوات والأرض واحد لا شريك له فقال أبوها يا آسية ألست من خير نساء العماليق وزوجك إله العماليق قالت أعوذ بالله من ذلك إن كان ما يقول حقا فقولا له أن يتوجني تاجا تكون الشمس أمامه والقمر خلفه والكواكب حوله فقال لهما فرعون اخرجا عني فمدها بين أربعة أوتاد يعذبها ففتح الله لها بابا إلى الجنة ليهون عليها ما يصنع بها فرعون فعند ذلك قالت (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين) فقبض الله روحها وأسكنها الجنة (الذين طغوا في البلاد) يعني عادا وثمود وفرعون عملوا في الأرض بالمعاصي وتجبروا (فأكثروا فهيا الفساد فصب عليهم ربهم سوط عذاب) قال قتادة يعني لونا من العذاب صبه عليهم قال أهل المعاني هذا على الاستعارة لأن السوط عندهم غاية العذاب فجرى ذلك لكل نوع من العذاب قال الزجاج جعل سوطه الذي ضربهم به العذاب (إن ربك لبالمرصاد) قال ابن عباس يعني بحيث يرى ويسمع ويبصر ما تقول وتفعل وتهجس به العباد قال الكلبي عليه طريق العابد لا يفوته أحد قال مقاتل ممر الناس عليه والمرصاد والمرصد الطريق وقيل مرجع الخلق إلى حكمه وأمره وإليه مصيرهم وقال الحسن وعكرمة يرصد أعمال بني آدم والمعنى أنه لا يفوته شيء من أعمال العباد كما لا يفوت من هو بالمرصاد وقال السدي أرصد الله النار على طريقهم حتى يهلكهم (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه) امتحنه (ربه) بالنعمة (فأكرمه) بالمال (ونعمه) بما وسع عليه (فيقول ربي أكرمن) بما أعطاني
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»