تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٠
سورة الغاشية (18 26) الجنة فيها ما صنع وتكلمت الحكماء في وجه تخصيص الإبل من بين سائر الحيوانات فقال مقاتل لأنهم لم يروا بهيمة قط أعظم منها ولم يشاهدوا الفيل إلا الشاذ منهم وقال الكلبي لأنها تنهض بحملها وهي باركة وقال قتادة ذكر الله ارتفاع سرر الجنة وفرشها فقالوا كيف نصعجها فأنزل الله هذه الآية وسئل الحسن عن هذه الآية وقيل له الفيل أعظم في الأعجوبة فقال أما الفيل فالعرب بعيدة العهد بها ثم هو خنزير لا يركب ظهرها ولا يؤكل لحمها ولا يحلب درها والإبل من أعز مال للعرب وأنفسها تأكل النوى وألقت وتخرج اللبن وقيل إنها مع عظمها تلين للحمل الثقيل وتنقاد للقائد الضعيف حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء وكان شريح القاضي يقول اخرجوا بنا إلى الكناسة حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت (وإلى السماء كيف رفعت) عن الأرض حتى لا ينالها شيء يغيرها (وإلى الجبال كيف نصبت) على وجه الأرض مرساة لا تزول (وإلى الأرض كيف سطحت) بسطت قال عطاء عن ابن عباس هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل أو يرفع مثل السماء أو ينصب مثل الجبال أو يسطح مثل الأرض غيري (فذكر إنما أنت مذكر لست عليه بمصيطر) بمسلط فتقتلهم وتكرههم على الإيمان نسختها آية القتال (إلا من تولى) استثناء منقطع عما قبله معناه لكن من تولى (وكفر) بعد التذكير (فيعذبه الله العذاب الأكبر) وهو أن يتدخله النار وإنما قال الأكبر لأنهم عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط والقتل والأسر (إن إلينا إيابهم) رجوعهم بعد الموت يقال آب يؤب أوبا وإيابا وقرأ أبو جعفر (إيابهم) بتشديد الياء وهو شاذ لم يجزه أحد غير الزجاج فإنه قال يقال أيب إيابا على فعل فيعالا (ثم إن علينا حسابهم) يعني جزاءهم بعد المرجع إلى الله عز وجل
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»