تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٥٤
سورة التكوير (23 29) (ولقد رآه) يعني رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته (بالأفق المبين) وهو الأفق العلى من ناحية المشرق قاله مجاهد وقتادة أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرني ابن فنجويه ثنا محمد بن جعفر ثناالحسن ابن عليوة ثنا إسماعيل بن عيسى ثنا إسحاق بن بشر أنا ابن جريج عن عكرمة بن خالد ومقاتل عن عكرمة بن خالد ومقاتل عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبرل إني أحب أن أراك في صورتك التي تكون فيها في السماء قال لن تقوى على ذلك قال بلى قال فأين تشاء أن أتخيل لك قال بالأبطح قال لا يسعني قال فههنا قال لا يسعني قال فبعرفات قال ذلك بالحران يسعني فواعده فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت فإذا هو بجبريل قد أقبل من جبال عرفات بخشخشة وكلكلة قد ملأ ما بين المشرق والمغرب ورأسه في السماء ورجلاه في الأرض فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم كبر وخر مغشيا عليه قال فتحول جبريل في صورته فضمه إلى صدره وقال يا محمد لا تخف فكيف لك لو رأيت إسرافيل ورأسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة وأن العرش لعلى كاهله وإنه ليتضاءل أحيانا من مخافة الله عز وجل حتى يصير مثل الصعو يعني العصفور حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته (وما هو) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم (على الغيب) أي الوحي وخبر السماء وما أطلع عليه مما كان غائبا عنه من الأنباء والقصص (بضنين) قرأ أهل مكة والبصرة والكسائي بالظاء أي بمتهم يقال فلان يظن بمال ويزن أي يتهم به والظنة التهمة وقرأ الآخرون بالضاد أي يبخل يقول إنه يأتيه علم الغيب فلا يبخل به عليكم بل يعلمكم ويخبركم به ولا يكتمه كما يكتم الكاهن ما عنده حتى يأخذ عليه حلوانا تقول العرب ضننت بالشيء بكسر النون أضن به ضنا وضنانة فأنا به ضنين أي بخيل (وما هو) يعني القرآن (بقول شيطان رجيم) قال الكلبي يقول إن القرآن ليس بشعر ولا كهانة كا قالت قريش (فأين تذهبون) أي أين تعدلون عن هذا القرآن وفيه الشفاء والبيان قال الزجاج أي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم ثم بين فقال (إن هو) أي ما القرآن (إلا ذكر للعالمين) موعظة للخلق أجمعين (لمن شاء منكم أن يستقيم) أي يتبع الحق ويقيم عليه (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) أي أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وفيه إعلام أن أحدا لا يعمل خيرا إلأا الله ولا شرا إلا بخذلانه
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»