تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٥٣
سورة التكوير (14 22) (علمت) عند ذلك كل (نفس ما أحضرت) من خير أو شر وهذا جواب لقوله (وإذا الشمس كورت) وما بعدها قوله عز وجل (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس) ولا زائدة معناه أقسم بالخنس قال قتادة هي النجوم تبدو بالليل وتخنس بالنهار فتخفى فلا ترى وعن علي أيضا أنها الكواكب تخنس بالنهار فلا ترى وتكنس بالليل فتأوي إلى مجاريها وقال قوم هي النجوم الخمسة زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد تخنس في مجراها أي ترجع وراءها وتكنس تستتر وقت اختفائه وغروبها كما تكنس الظباء في مغارها وقال ابن زيد معنى الخنس أنها تخنس أي تتأخر عن مطالعها في كل عام تأخرا تتأخره عن تعجيل ذلك الطلوع تخنس عنه بتأخرها والكنس أي تكنس بالنهار فلا ترى وروى الأعمس عن إبراهيم عن عبد الله أنها هي الوحش وقال سعيد بن جبير هي الظباء وهي رواية العوفي عن ابن عباس وأصل الخنوس الرجوع إلى وراء والكنوس أن تأوى إلى مكانسها وهي المواضع التي تأوى إليها الوحوش (والليل إذا عسعس) قال الحسن أقبل لظلامه وقال الآخرون أدبر تقول العرب عسعس الليل وسعسع إذا أدبر ولم يبق منه إلا اليسير (والصبح إذا تنفس) أقبل وبدا أوله وقيل امتد ضوءه وارتفع (إنه) يعني القرآن (لقول رسول كريم) يعني جبريل أي نزل به جبريل عن الله تعالى (ذي قوة) وكان من قوته أنه اقتلع قريات قوم لوط من الماء الأسود وحملها على جناحه فرفعها إلى السماء ثم قلبها وأنه أبصر إبليس يكلم عيسى على بعض عقاب الأرض المقدسة فنفخه بجناحه نفخة ألقاه إلى أقصى جبل بالهند وأنه صاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين وأنه يهبط من السماء إلى الأرض ويصعد في أسرع من الطرف (عند ذي العرش مكين) في المنزلة (مطاع ثم) أي في السماوات تطيعه الملائكة ومن طاعة الملائكة إياه أنهم فتحوا أبواب السماوات ليلة المعراج بقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح خزنة الجنة أبوابها بقوله (امين) لي وحي الله ورسالته إلى أنبيائه (وما صاحبكم بمجنون) يقول لأهل مكوة وما صاحبكم يعني محمدا صلى الله عليه وسلم بمجنون وهذا أيضا من جواب القسم أقسم على أن القرآن نزل به جبريل وأن محمدا ليس كما يقوله أهل مكة وذلك أنهم قالوا إنه مجنون وما يقول يقوله من عند نفسه
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»