تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٥٩
الطلاق الآية 6 6 (اسكنوهن) يعني مطلقات نسائكم (من حيث سكنتم) (من) صلة أي اسكنوهن حيث سكنتم (من وجدكم) سعتكم وطاقتكم يعني إن كان موسرا يوسع عليها في المسكن والنفقة وإن كان فقيرا فعلى قدر الطاقة (ولا تضاروهن) لا تؤذوهن (لتضيقوا عليهن) مساكنهن فيخرجن (وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) فيخرجن من عدتهن فصل أعلم أن المعتدة الرجعية تستحق على الزوج النفقة والسكنى ما دامت في العدة ونعني بالسكنى مؤنة السكنى فإن كانت الدار التي طلقها فيها ملكا للزوج يجب على الزوج أن يخرج منها ويترك الدار لها مدة عدتها وإن كانت بإجارة فعلى الزوج الأجرة وإن كانت عارية ورجع المعير فعليه أن يكتري لها دارا تسكنها فأما المعتدة البائنة بالخلع أو بالطلقات الثلاث أو باللعان فلها السكنى حامى كانت أو حائلا عند أكثر أهل العلم روي ذلك عن ابن عباس أنه قال لا سكنى لها إلا أن تكون حاملا وهو قول الحسن وعطاء والشعبي واختلفوا في نفقتها فذهب قوم إلى أنه لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا روي ذلك عن ابن عباس وهو قول الحسن وعطاء والشعبي وبه قال الشافعي وأحمد ومنهم من أوجبها بكل حال روي ذلك عن ابن مسعود وهو قول إبراهيم النخعي وبه قال الثوري وأصحاب الرأي وظاهر القرآن يدل على أنها لا تستحق إلا أن تكون حاملا لأن الله تعالى قال (وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن) والدليل عليه من جهة السنة ما أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا مصعب عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة عن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لها ليس لك عليه نفقة وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي فاعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد قالت فكرهته ثم قال انكحي أسامة بن زيد فنحكته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به واحتج من لم يجعل لها السكنى بحديث فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت عبد الله ابن أم مكتوم ولا حجة فيه لما روي عن عائشة أنها قالت كانت فاطمة في مكان وحش فخيف على ناحيتها وقال سعيد بن المسيب إنما نقلت فاطمة لطول لسانها على أحمائها وكان للسانها ذرابة أما
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»