الطلاق الآية 4 5 (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) يتق الله فيما نابه كفاه ما أهمه وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا \ (إن الله بالغ أمره) قرأ طلحة بن مصرف وحفص عن عاصم (بالغ أمره) بالإضافة وقرأ الآخرون (بالغ) بالتنوين (أمره) نصب أي منفذ أمره ممض في خلقه قضاءه (قد جعل الله لكل شيء قدرا) أي جعل الله لكل شيء من الشدة والرخاء أجلا ينتهي إليه قال مسروق في هذه الآية (إن الله بالغ أمره) توكل عليه أو لم يتوكل غير أن المتوكل عليه يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا 4 قوله عز وجل (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم) فلا يرجون أن يحضن (إن ارتبتم) أي شككتم فلم تدروا ما عدتهن (فعدتهن ثلاثة أشهر) قال مقاتل لما نزلت (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) قال خلاد بن النعمان بن القيس الأنصاري يا رسول الله فما عدة من لا تحيض والتي لم تحض وعدة الحبلى فأنزل الله (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم) يعني القواعد اللائي قعدن عن الحيض (إن ارتبتم) شككتم في حكمهن (فعدتهن ثلاثة أشهر) (واللائي لم يحضن) يعني الصغائر اللائي لم يحضن فعدتهن أيضا ثلاثة أشهر أما الشابة التي كانت تحيض فارتفع حيضها قبل بلوغها سن الآيسات فذهب أكثر أهل العلم إلى أن عدتها لا تنقضي حتى يعاودها الدم فتعتد بثلاثة أقراء أو تبلغ سن الآيسات فتعتد بثلاثة أشهر وهو قول عثمان وعلي وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وبه قال عطاء وإليه ذهب الشافعي وأصحاب الرأي وحكي عن عمر أنها تتربص تسعة أشهر فإن لم تحض تعتد بثلاثة أشهر وهو قول مالك وقال الحسن تتربص سنة فإن لم تحض تعتد بثلاثة أشهر وهذا كله في عدة الطلاق أما المتوفى عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشر سواء كانت ممن تحيض أو لا تحيض وأما الحامل فعدتها بوضع الحمل سواء طلقها زوجها أو مات عنها لقوله تعالى (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا سفيان أنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه أن سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بليال فمر بها أبو السنابل بن بعكك فقال قد تصنعت للأزواج أنها أربعة أشهر وعشر فذكرت ذلك سبيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال \ كذب أبو السنابل أوليس كما قال أبو السنابل قد حللت فتزوجي (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) أي يسهل عليه أمر الدنيا والآخرة 5 (ذلك) يعني ما ذكر من الأحكام (أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا)
(٣٥٨)