تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٨
المنافقون الآية 4 6 4 (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) يعني أن لهم أجساما ومناظر (وإن يقولوا تسمع لقولهم) فتحسب أنه صدق قال عبد الله بن عباس كان عبد الله بن أبي جسيما فصيحا ذلق اللسان فإذا قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله (كأنهم خشب مسندة) أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام قرأ أبو عمرو والكسائي (خشب) بسكون الشين وقرأ الباقون بضمها (مسندة) ممالة إلى جدار من قولهم أسندت الشيء إذا أملته والثقيل للتكثير وأراد أنها ليست بأشجار تثمر ولكنها خشب مسندة إلى حائط (يحسبون كل صيحة عليهم) أي لا يسمعون صوتا في العسكر بأن نادى مناد أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة لا ظنوا من جبنهم وسوء ظنهم أنهم يرادون بذلك وظنوا أنهم قد أتوا لما في قلوبهم من الرعب وقيل ذلك لكونهم على وجل من أن ينزل الله فيهم أمرا بهتك أستارهم ويبيح دماءهم ثم قال (هم العدو) هذا ابتداء وخبره (فاحذرهم) ولا تأمنهم (قاتلهم الله) لعنهم الله (أنى يؤفكون) يصرفون عن الحق 5 (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم) أي عطفوا وأعرضوا بوجوهم رغبة عن الاستغفار قرأ نافع ويعقوب (لووا) بالتخفيف وقرأ الآخرون بالتشديد لأنهم فعلوا مرة بعد مرة (ورأيتهم يصدون) يعرضون عما دعوا إليه (وهم مستكبرون) متكبرون عن استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم 6 (سواء عليهم استغفرت لهم) يا محمد (أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) ذكر محمد بن إسحاق وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجتمعون لحربه وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءها عليهم فبينما الناس على ذلك الماء إذ وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال له جهجاه بن سعيد الغفاري يقود له فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني حليف بني عوف بن الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني يا معشر الأنصار وصرخ الغفاري يا معشر المهاجرين وأعان جهجهاها الغفاري رجل من المهاجرين يقال له جعال وكان فقيرا وغضب عبد الله بن أبي سلول وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم غلام حديث السن فقال ابن أبي أفعلوها فقد نافرونا وكاثرونا في بلادنا والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل سمن كلبك يا كلك أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»