تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٥٧
الطلاق الآية 3 فيجوز لها الخروج نهارا ولا يجوز ليلا فإن رجالا استشهدوا بأحد فقالت نساؤهم نستوحش في بيوتنا فأذن لهن النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحدثن عند إحداهن فإذا كان وقت النوم تأوي كل امرأة إلى بيتها وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لخالة جابر حين طلقها زوجها أن تخرج لجداد نخلها وإذا لزمتها العدة في السفر تعتد في أهلها ذاهبة وجائية والبدوية تتبوأ حيث يتبوأ أهلها في العدة لأن الانتقال في حقهم كالإقامة في حق المقيم قوله (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) قال ابن عباس الفاحشة المبينة أن تبدأ على أهل زوجها فيحل إخراجها وقال جماعة أراد بالفاحشة أن تزني فتخرج لإقامة الحد عليها ثم ترد إلى منزلها ويروى ذلك عن ابن مسعود وقال قتادة معناه إلا أن يطلقها على نشوزها فلها أن تتحول من بيت زوجها والفاحشة النشوز وقال ابن عمر والسدي خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة (وتلك حدود الله) يعني ما ذكر من سنة الطلاق وما بعدها (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) يوقع في قلب الزوج مراجعتها بعد الطلقة والطلقتين وهذا يدل على أن المستحب أن يفرق الطلقات ولا يوقع الثلاث دفعة واحدة حتى إذا ندم أمكنته المراجعة 2 (فإذا بلغن أجلهن) أي قربن من انقضاء عدتهن (فأمسكوهن) أي راجعوهن (بمعروف أو فارقون بمعروف) أي اتركوهن حتى تنقضي عدتهن فتبين منكم (وأشهدوا ذوي عدل منكم) على الرجعة أو الفراق أمر بالاشهاد على الرجعة وعلى الطلاق (وأقيموا الشهادة لله) أيها الشهود (ذلك يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا) قال عكرمة والشعبي والضحاك ومن يتق الله فيطلق للسنة يجعل له مخرجا إلى الرجعة وأكثر المفسرين قالوا نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابنا له يسمى مالكا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أسر العدو ابني وشكا إليه أيضا الفاقة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ففعل الرجل ذلك فبينما هو في بيته إذ أتاه ابنه وقد غفل عنه العدو فأصاب إبلا وجاء بها إلى أبيه وهي أربعة آلاف شاة فنزلت (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) في ابنه 3 (ويرزقه من حيث لا يحتسب) ما ساق من الغنم وقال مقاتل أصاب غنما ومتاعا ثم رجع إلى أبيه فانطلق أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر وسأله أيحل له أن يأكل ما أتى به ابنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نعم فأنزل الله هذه الآية قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وابن مسعود (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) هو أن يعلم أنه من قبل الله وأن الله رازقه وقال الربيع بن خيثم (يجعل له مخرجا) من كل شيء ضاق على الناس وقال أبو العالية (يجعل له مخرجا) من كل شدة وقال الحسن (مخرجا) عما نهاه الله عنه
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»