تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ١٨٨
الفتح الآية 2 3 فقال عمر ثكلتك أمك يا عمر كررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن فما لبثت أن سمعت صارخا يصرخ بي فقلت لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال \ لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) \ أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو عمر بكر بن محمد المزني ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله حفيدالعباس بن حمزة ثنا الحسين بن الفضل البجلي ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة ثنا أنس قال نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) إلى آخر الأية مرجعه من الحديبية وأصحابه مخالطهم الحزن والكآبة فقال \ نزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا \ فلما تلاها نبي الله صلى الله عليه وسلم قال رجل من القوم هنيئا مريئا لك قد بين الله ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله هذه الآية التي بعدها (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار) حتى ختم الآية 1 قوله عز وجل (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) اختلفوا في هذا الفتح وروي عن أبي جعفر الرازي عن قتادة عن أنس أنه فتح مكة وقال مجاهد فتح خيبر والأكثرون على أنه صلح الحديبة ومعنى الفتح فتح المنغلق والصلح مع المشركين بالحديبة كان متعذرا حتى فتحه الله عز وجل وروى شعبة عن قتادة عن أنس (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) قال صلح الحديبية أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا وقال الشعبي في قوله (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) قال فتح الحديبة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأطعموا نخل خيبر وبلغ الهدي محله وظهرت الروم على فارس ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس قال الزهري لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام في قلوبهم أسلم في ثلاث سنين خلق كثير وكثر بهم سواد الإسلام قوله عز وجل (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) أي قضينا لك قضاء بينا وقال الضحاك إنا فتحنا لك فتحا مبينا بغير قتال وكان الصلح من الفتح المبين قيل اللام في قوله (ليغفر) لام كي معناه إنا فتحنا لك فتحا مبينا لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح وقال الحسين بن الفضل هو مردود إلى قوله (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) 2 (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) وليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات الآية وقال
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»