تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ١٧٢
الأحقاف الآية 29 والرهابين (بل ضلوا عنهم) قال مقاتل بل ضلت الآلهة عنهم فلم تنفعهم عند نزول العذاب (وذلك إفكهم) أي كذبهم الذي كانوا يقولون أنها تقربهم إلى الله عز وجل وتشفع لهم (وما كانوا يفترون) يكذبون أنها آلهة 29 قوله عز وجل (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن) الآية قال المفسرون لما مات أبو طالب خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده إلى الطائف يلتمس من ثقيف النصر والمنعة له من قومه فروى محمد بن إسحاق عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف إلى نفر من ثقيف وهم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة عبدياليل ومسعود وحبيب بنو عمرو بن عمير وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح فجلس إليهم فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه فقال له أحدهم هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك وقال الآخر ما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الثالث والله ما أكلمك أبدا لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله فما ينبغي لي أن أكلمك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف وقال لهم إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموه علي وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه فيذئلهم عليه ذلك فلم يفعلوا وأغروا به سفاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه إلى حائد لعتبة وشيبة ابني ربيعة وهما فيه فرجع عنه سفهاء ثقيف ومن كان تبعه فعمد إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما لقي من سفهاء ثقيف ولقد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المرأة التي من بني جمح فقال لها ماذا لقينا من أحمائك فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك \ فلما رأى ابنا ربيعة ما لقي تحركت له رحمهما فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس فقال له خذ قطفا من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه ففعل ذلك عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال بسم الله ثم أكل فنظر عداس إلى وجهه ثم قال والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي البلاد أنت يا عداس وما دينك قال أنا نصراني وأنا رجل من أهل نينوى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى قال له وما يدريك ما يونس بن متى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك أخي كان نبيا وأنا نبي فأكب عداس على
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»